الــفــــــــــــــــــــــــalfrid 1ـــــــــــريــــد
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم،
أخي الزائر

ربما تكون هذه هي زيارتك الأولى لمنتدانا


فالمنتدى غير أي منتدى


نُقدر دائماً مشاركتك معنا بعد تسجيل عضويتك


ومن الممكن أن تكون أحد ( أسرة الفـريد1 )
الــفــــــــــــــــــــــــalfrid 1ـــــــــــريــــد
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم،
أخي الزائر

ربما تكون هذه هي زيارتك الأولى لمنتدانا


فالمنتدى غير أي منتدى


نُقدر دائماً مشاركتك معنا بعد تسجيل عضويتك


ومن الممكن أن تكون أحد ( أسرة الفـريد1 )
الــفــــــــــــــــــــــــalfrid 1ـــــــــــريــــد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الــفــــــــــــــــــــــــalfrid 1ـــــــــــريــــد

منتدى اسلامى مصرى عربى يحترم جميع الدينات السماويه والعقائد ويدعو للعلم والمعرفه والتواصل والترابط العربى
 
الرئيسيةدخولالبوابةأحدث الصورالتسجيل
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» كتاب عن محاسبة التكاليف للمحاسبين
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالثلاثاء مايو 12, 2015 7:15 pm من طرف koukoure

» تحميل كتاب كفاحي .آدولف هتلر
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالجمعة مايو 09, 2014 7:25 pm من طرف samo

»  كتاب ممتع عن نظم الأعداد والبوابات المنطقية, وخاصة لطلبة plc
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالإثنين يونيو 10, 2013 8:20 pm من طرف الحكمة

» لتركيب أغنيه على صور- برنامج تركيب الصور على الاغانى
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالثلاثاء مارس 12, 2013 12:49 am من طرف alaa

»  ثمانية كتب تؤهلك لتصبح محترف تمديد شبكات حاسب و بالعربي %100
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالثلاثاء مارس 12, 2013 12:36 am من طرف alaa

» اسرار لوحة مفاتيح جهاز كمبيوتر
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالثلاثاء مارس 12, 2013 12:32 am من طرف alaa

» كتاب تصميم قواعد البيانات Pl-sql
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالأربعاء يوليو 25, 2012 11:19 am من طرف adel sulami

» كتاب حكايات الف ليلة وليلة كاملة
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالسبت يونيو 16, 2012 10:52 pm من طرف mouna love

» صفوة التفاسير (محمد علي الصابوني) بصيغة Exe (تفسير مبسط جمع الكثير من التفاسير الأخرى
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالإثنين مايو 07, 2012 10:24 am من طرف naceromar

» الفساد الاقتصادي أنواعه
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مايو 03, 2012 7:01 am من طرف انور المرسى

منتدى
 
 
 
 

أسرة منتدى الفريد1 تحت شعار وطن واحد قلب واحد

تتقدم بخالص الأسى والحزن لما الت اليه مصر

والشعب المصرى من فوضى وخراب ودمار لكل مصر والمصرين

بأسم الاصلاح والتغير

والتغرير بشباب مصر من جهات مختلفة داخليه وخارجيه

كل همها زعزعة امن واستقرار مصر والتسلق للسلطة

اننا مصريون احرار نسعى بكل حب للتغير والاستقرار

ولكن بدون ارقاة دماء او خراب اقتصادى نحن فقط من سيتحملة

هذة مصرنا وطننا وامل ابنائنا

فلا تدعو المغرضين ينالون منا ومن امننا

دعونا نتكاتف من اجل البقاء والبناء

لا من اجل مبارك او جمال او علاء

بل من اجل رفعة مصر والارتقاء

لالالالالالالالالالالالالالالالا

لا للتخريب

لا لقلب نظام الحكم

لا للحقدين

لاللبردعى والعملاء المنشقين

لا للاخوان والسنين فجميعنااااااااا

مصرين

التبادل الاعلاني

منتدى الفـــــــــــريـد يرحب بكم دائما ويتمنى لكم كل المتعه والفائده ويرحب بالاراءالبناءة لتطوير المنتدى واثرائه بأكبر كم من المعلومات النافعه فى كافة المجالات مع تحياتى للجميع



دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 13 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 13 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 119 بتاريخ الإثنين أغسطس 07, 2017 6:50 am
منتدى
 
 
 
 

أسرة منتدى الفريد1 تحت شعار وطن واحد قلب واحد

تتقدم بخالص الأسى والحزن لما الت اليه مصر

والشعب المصرى من فوضى وخراب ودمار لكل مصر والمصرين

بأسم الاصلاح والتغير

والتغرير بشباب مصر من جهات مختلفة داخليه وخارجيه

كل همها زعزعة امن واستقرار مصر والتسلق للسلطة

اننا مصريون احرار نسعى بكل حب للتغير والاستقرار

ولكن بدون ارقاة دماء او خراب اقتصادى نحن فقط من سيتحملة

هذة مصرنا وطننا وامل ابنائنا

فلا تدعو المغرضين ينالون منا ومن امننا

دعونا نتكاتف من اجل البقاء والبناء

لا من اجل مبارك او جمال او علاء

بل من اجل رفعة مصر والارتقاء

لالالالالالالالالالالالالالالالا

لا للتخريب

لا لقلب نظام الحكم

لا للحقدين

لاللبردعى والعملاء المنشقين

لا للاخوان والسنين فجميعنااااااااا

مصرين

منتدى
 
 
 
 

أسرة منتدى الفريد1 تحت شعار وطن واحد قلب واحد

تتقدم بخالص الأسى والحزن لما الت اليه مصر

والشعب المصرى من فوضى وخراب ودمار لكل مصر والمصرين

بأسم الاصلاح والتغير

والتغرير بشباب مصر من جهات مختلفة داخليه وخارجيه

كل همها زعزعة امن واستقرار مصر والتسلق للسلطة

اننا مصريون احرار نسعى بكل حب للتغير والاستقرار

ولكن بدون ارقاة دماء او خراب اقتصادى نحن فقط من سيتحملة

هذة مصرنا وطننا وامل ابنائنا

فلا تدعو المغرضين ينالون منا ومن امننا

دعونا نتكاتف من اجل البقاء والبناء

لا من اجل مبارك او جمال او علاء

بل من اجل رفعة مصر والارتقاء

لالالالالالالالالالالالالالالالا

لا للتخريب

لا لقلب نظام الحكم

لا للحقدين

لاللبردعى والعملاء المنشقين

لا للاخوان والسنين فجميعنااااااااا

مصرين

التبادل الاعلاني

منتدى الفـــــــــــريـد يرحب بكم دائما ويتمنى لكم كل المتعه والفائده ويرحب بالاراءالبناءة لتطوير المنتدى واثرائه بأكبر كم من المعلومات النافعه فى كافة المجالات مع تحياتى للجميع



مكتبة الصور
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
منتدى
 
 
 
 

أسرة منتدى الفريد1 تحت شعار وطن واحد قلب واحد

تتقدم بخالص الأسى والحزن لما الت اليه مصر

والشعب المصرى من فوضى وخراب ودمار لكل مصر والمصرين

بأسم الاصلاح والتغير

والتغرير بشباب مصر من جهات مختلفة داخليه وخارجيه

كل همها زعزعة امن واستقرار مصر والتسلق للسلطة

اننا مصريون احرار نسعى بكل حب للتغير والاستقرار

ولكن بدون ارقاة دماء او خراب اقتصادى نحن فقط من سيتحملة

هذة مصرنا وطننا وامل ابنائنا

فلا تدعو المغرضين ينالون منا ومن امننا

دعونا نتكاتف من اجل البقاء والبناء

لا من اجل مبارك او جمال او علاء

بل من اجل رفعة مصر والارتقاء

لالالالالالالالالالالالالالالالا

لا للتخريب

لا لقلب نظام الحكم

لا للحقدين

لاللبردعى والعملاء المنشقين

لا للاخوان والسنين فجميعنااااااااا

مصرين

اهداء

 

مــصــر

مصر3حروف بكل الحروف

كانت الأم والحضن الدافى والأمان مالخوف

وفجاءة وفى لمح البصر تمنا وصحينا على كابوس

دمار وخراب وسلب ونهب ومستقبل مش معروف

غلبنا الهمج مع التتار فى جبروت الدمار

وبحجة تغير النظام غلبنا البراكين والأعصار

والكارثه بيقولووووووووووووو

مصرين احراااار!!!!!!!!!!!!!

f ابوزيد

من بورسعيد

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 
اليوميةاليومية

 

 سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:12 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اهلا و سهلا بحضراتكم
اقدم لكم
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

1

عندما غزت إيطاليا ليبيا، في الرابع من أكتوبر 1911، كان الشيخ عمر المختار، في منطقة الواحات بجنوب البلاد. وما إن نبأ إليه خبر الغزو حتى رجع إلى زاويته الدينية "القصور" بالجبل الأخضر. وباشر على الفور في تجنيد المجاهدين من قبيلة "العبيد" التي كانت تعتبره شيخها الروحي المبجل، وتمحضه ولاءها التام، ما بالك في أمر الجهاد المقدس. وعندما احتل الغزاة الإيطاليون مدينة بنغازي، في 20 أكتوبر 1911، انضم الشيخ عمر المختار بقواته إلى "دور بنينة". ومن معسكره ذاك قاد عدة معارك هجومية ضد خنادق الغزاة حول مدينة بنغازي. وقد تبين له الاختلال الكبير في توازن القوة بين المجاهدين بتسليحهم الهزيل وقوات العدو المحصنة وراء خنادقها، بأسلحتها المتطورة ذات القوة النارية الهائلة، في وقتها، من مدافع ثقيلة ومدافع رشاش. فاستنتج منهجا قتاليا يقوم على شن الهجمات الخاطفة في التوقيت الذي يختاره المجاهدون، وفقا لمبدأ الكر والفر التقليدي، والذي طوره "سي عمر" بالممارسة العملية إلى حرب عصابات استنزافية، مبنية على إستراتيجية مبتكرة للحرب الشعبية، مؤسسا بذلك مفهومها الحديث في القرن العشرين.

انسحب "سي عمر" بقواته من "دور بنينة" إلى منطقة قبيلة "العبيد". وهناك أسس "دور القصور" و"دور تاكنس"، وغيرهما من "أدوار" المجاهدين، بعدما جال في مضارب الجبل الأخضر، جامعا قبائله على كلمة سواء : الجهاد، بمعناه العسكري والشعبي. فأقام إستراتيجيته العسكرية على تقسيم المجاهدين في أدوار مسلحة حسب الظروف المكانية واللوجستية لكل منطقية. فقد يكون "الدور" مكونا من أبناء قبيلة واحدة ومنتمين إلى أكثر من قبيلة، حتى وإن سُمي باسم قبيلة معينة. وكان كل "دور" يخضع لإمرة قائد واحد ومساعدين له. وكان نظام "الأدوار" قائما على أساس وطني وليس قبلياً. يعتمد فيه مفهوم القيادة على الكفاءة العسكرية والتجربة النضالية وليس النسب أو المشيخة القبلية. فالشيخ عمر المختار، ينتسب إلى قبيلة قليلة عددا بالقياس إلى قبائل الجبل الأخضر، مثل قبيلة "العبيدات" و"البراعصة" و"الدرسة" و"العبيد"، وغيرها من قبائل برقة الكبيرة.لكن كل القبائل محضت ولاءها له، قائدا لحركة الجهاد الوطني. وقد أدرك بفطرته البدوية أن الحفاظ على جذوة المقاومة وإدامتها يعتمد على حماية الشعب لها ودعمها، في نجوعه المنتشرة في أدغال الجبل الأخضر وكهوفه وأقحافه ووديانه الوعرة، كمنطلق للكر منها على العدو في معارك خاطفة والفر إلى قواعده فيها.

وفي حياته المتوزعة بين فروض الدين ومهام الدنيا، تزوج "سي عمر" ست مرات، حسب شهادة ابنه. تزوج للمرة الأولى من امرأة تشادية أثناء جهاده هناك ضد الغزاة الفرنسيين.وأنجب منها ابنته سارة.وقد توفيت الأم وابنتها بسبب المرض بُعيد الغزو الإيطالي. فتزوج بعدها من ابنة أحد رفاقه المجاهدين، وهو السيد سعيد بزوير البرعصي. لكنها توفيت هي أيضا مريضة دون أن تنجب. فتزوج من أختها "زينة" التي أنجبت "فاطمة". وقد توفيت الأم "زينة" في المهجر بمصر، بعد إعدام "سي عمر". وتوفيت فاطمة في بنغازي العام 1992. وكان زواجه الرابع من ونيسة بنت عبد الله الجيلاني، شيخ "زاوية توكرة"، وأنجب منها ثلاثة أبناء، هم:يونس وعبدالله، ومحمد صالح، واسم الأخير أطلقه السيد إدريس السنوسي تيمنا بالمجاهد المصري محمد صالح باشا، الذي حارب مع الليبيين، في عهد السيد أحمد الشريف. وقد ماتت ونيسة في المهجر بمصر. وكان زواجه الخامس من نجوى بنت محمد المسمارى، التي استشهدت في معركة "المحيريقية" وهي حامل.فتزوج من أختها فاطمة، التي أنجبت منه ابنتها "صفية"، التي ماتت شابة نسبيا. بينما ماتت أمها فاطمة، آخر زوجات "سي عمر"، العام 2003 في مدينة بنغازي.

كان "سي عمر" صاحب شخصية عسكرية قيادية فذة، دون أن يكون قد درس، أكاديميا، الفنون العسكرية والحربية. نال إعجاب الضباط الأتراك الكبار الذين بقوا إلى جانب المجاهدين، مع بعض من القوات التركية، بعد سحب تركيا لوجودها العسكري والمدني من ليبيا تطبيقا لاتفاقية لوزان مع إيطاليا، الموقعة في 24 يوليو1923، والتي تنازلت بموجبها تركيا عن ليبيا لإيطاليا.

وإذا كان سي عمر قد سلم قيادة الجهاد في برقة للسِيد أحمد الشريف عند وصول الأخير إلى درنة العام 1913، فإنه ظل هو القائد الفعلي للمعارك في الجبل الأخضر. وفي فترة توقف حركة الجهاد، بعد خروج قوات المجاهدين من الجغبوب بقيادة السيد الشريف، بعدما توقفت المقاومة في برقة على إثر توقيع السيد إدريس السنوسي على اتفاقية "عكرمة" في يناير 1917. رفض "سي عمر" الاتفاقية لأنها تقضي بوقف المقاومة في برقة وتجريد المقاومين المجاهدين من أسلحتهم خلال سنة واحدة من التوقيع عليها. لذلك ذهب "سي عمر" إلى مضارب قبيلته "المنفة" في محاولة لتشكيل قوة مسلحة من أبنائها ورجالها لاستئناف حركة الجهاد. لكن شيوخ القبيلة عارضوا رغبته، التزاما منهم بمسالمة الإيطاليين، تنفيذا لتوجيهات السيد محمد إدريس السنوسي، الذي تزعّم الطريقة السنوسية بعد السيد أحمد الشريف، وكان الليبيون في برقة يجلّون السنوسيين إجلالاً دينياً عميقا لاعتقادهم أنهم من آل البيت. فاختار "سي عمر" العودة غاضبا إلى زاويته الدينية في منطقة "القصور" بمضارب قبيلة "العبيد". ثم ما لبث سلطات الاحتلال أن نقضت اتفاقية عكرمة مع السيد إدريس السنوسي وباشرت حربها على الليبيين، كما ستنقض غيرها من الاتفاقيات مع إدريس السنوسي، مثل اتفاقيتي الرجمة وأبومريم، فغرضها كان دائما كسب الوقت كلما اشتدت المقاومة، وشق صفوف المجاهدين، والتلاعب بإدريس السنوسي كعميل، حتى اضطر للهجرة إلى مصر العام 1922، بعدما أوكل زعامة الحركة السنوسية إلى أخيه الرضا السنوسي، وأوكل قيادة حركة الجهاد إلى "سي" عمر المختار.

كانت فلسفة "سي عمر" الجهادية مبنية على أساس أن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، ويؤدى بوسائل وطرق مختلفة، نظّمها في سياق فرض ضرائب الأعشار على الحيوانات والمزروعات، وضرائب على تجارة القوافل الخارجة من برقة إلى السودان ومصر والقادمة إليها. وعمل على إخراط أهالي النجوع في خدمة حركة الجهاد، من حيث تجنيد المجاهدين وتموينهم بالغذاء وإيواء الجرحى وتمريضهم. علاوة على القيام بأداء واجب الحراسة والمراقبة، وتعويض العائلات لبعضها البعض في فقدان معيلها. وقام بجولة واسعة على قبائل برقة في سبيل توحيد حركة الجهاد تحت قيادة واحدة. ونسّق باسمها مع قادة الجهاد في طرابلس وفزان، من أجل وضع حركة الجهاد في سياق وطني عام. وبذلك جعل "سي عمر" حركة الجهاد تتحرك داخل بحرهم الشعبي الواسع. أي أنها حركة شعب بالكامل.

وبهذه الروح الجهادية الجمعوية جيّش البدو وجودهم الاجتماعي بالكامل، تقريبا، دفاعا عن وجودهم التاريخي، في جوهره الديني، الذي لا يضاهيه، في تمسكهم البسيط الصلد به، إلا الموت في سبيله، في مواجهة مشروع المستعمر الإيطالي الاستيطاني، الذي يروج لحقه في احتلال ليبيا وضمها إلى إيطاليا.وفي العهد الفاشي تشكلت إيديولوجية قوموية مهووسة بالجمع ما بين "أمجاد" الإمبراطورية الرومانية المنقرضة وروح الحروب الصليبية في العصور الوسطى، مخلوطة في تصورات إمبريالية حديثة لإحياء رميم روما القديمة في "روما جديدة". ومن هنا اعتبار ليبيا حسب التسمية التي أطلقها الدوتشي موسوليني الفاشستي (الشاطئ الرابع لإيطاليا) ، لتضاف إلى الشواطئ الثلاث الأخرى التي تحيط بشبه الجزيرة الإيطالية، وهي: الأدرياتيكي والتيراني والأيوني. وفي العام 1929 دمجت سلطات الاحتلال إيطاليا إقليمي طرابلس وبرقة في مستعمرة مركزية واحدة، أطلق عليها رسميا اسمها القديم "ليبيا" العام 1934. لكن أجناد الدوتشي المدججين بأحدث الأسلحة الحربية، وجدوا أنفسهم متورطين في أوهامهم الإمبراطورية في مواجهة موجات لا تنقطع من المجاهدين الطامعين في الشهادة، بأسلحتهم البسيطة، ناشرين الموت والرعب في قوات الاحتلال والمستوطنين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:14 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


2

كتب جورج ريمون،المراسل الحربي لمجلة "اللوستراسيون" الفرنسية، أثناء تغطيته الصحفية لحرب إيطاليا على ليبيا، في بداية العام 1912: "إن ما يدهشني كمراقب محايد، هو أن الطليان قد ألقوا في هذه الحرب بكل ثقلهم وحشدوا لها كل ما شحنوه معهم من آليات هائلة وما جاءوا به من القطع البحرية والطرّادات الحربية ومن الطائرات، وما استعانوا به من أجهزة الإضاءة الكاشفة (...) ومع ذلك لم يستطيعوا إلقاء الرعب في نفوس الليبيين العُزْل، الذين يؤمنون في قرارة أنفسهم بأن الله لن يتخلَّى عنهم، وأنه سينصرهم في النهاية على أعدائهم (...) لقد شاهدت الليبيين يهاجمون أعداءهم داخل تحصيناتهم المنيعة، وهم شبهُ عراةٍ، يفتقرون إلى أسباب النَّعيم الذي يتوفَّر لغيرهم. ومع ذلك فإنهم لا يكلّون ولا يتعبون، وهم قادرون على تحمُّلِ الجوع والعطش طويلاً، فيصومون يومين أو ثلاثة لا يتذوَقون قوتاً (...) إن هؤلاء الفقراء المجاهدين لا يربطهم بنعيم الدنيا رابط، ولذا فإنهم يرون في هذه الحرب فرصة سانحة للخلاص من الحياة الدنيوية القاسية المُرَّة، بالاستشهاد والموت ميتة مجيدة، تُفضي بهم إلى سعادة أبدية (....) لقد بذلَت إيطاليا جهوداً كبيرة لاستمالة الناس، ولكن محاولاتها ذهبت أدراج الرّياح، لأن السكان وضعوا أنفسهم منذ بداية الغزو، جنداً للدفاع عن ديارهم."

أما أنور باشا فقد وصف، في مذكراته، جيش المجاهدين المتطوعين في مدينة درنة، بأنه: "يشبه قطيعاً من البشر المسلحين أكثر مما يشبه الجيش. القبائل العربية ترسل لي مقاتليها، الذين يأتون على شكل جماعات صغيرة، كل واحد يحمل سلاحاً قديماً على كتفه، رابطاً رصاصاته في حزامه وفي يديه بضعة كيلوات من الدقيق. وبين القادمين مسنون بيض اللحي، وصبيان لم يبلغوا سن الخامسة عشرة. إن أعمارهم لا تمنعهم من مواجهة الموت مع رفاقهم جنباً إلى جنب. لهم إيمان راسخ بأن أقدارهم مرسومة بإرادة الله، فمهما يكن لن تتغير، فإذا حان الأجل لن يتخلص منه أي مخلوق. ولهم مثل رائع مأثور: الشجاع يموت مرة والجبان يموت مئة مرة". وهو ما نجد تعبيره في المبيعات الجهادية، مثل بيان المبايعة الذي بعث به مشايخ القبائل في مدينة الخمس، وسلموه إلى قائد الحامية التركية بطرابلس: "إن الليبيين يبلغون حكومة الأستانة أنهم أقاموا اجتماعات متعددة، قرروا فيها أن يسفكوا آخر قطرة من دمائهم فداء للوطن، فلينعم الباب العالي والأمة العثمانية وصحافتها بالأمن، وليهدأ روعها فإن وطنهم لا يباع إلا بالدم الزكي".

وتجدر الإشارة إلى أن جهاد الليبيين لم يكن ذكوريا محضا. أي فرض عين موقوف على الرجال وحدهم. فقد كانت النساء الليبيات تمثل قوة اجتماعية فاعلة في صميم الواجب الجهادي. فهن وإن لم يشاركن في القتال بشكل مباشر، قمن بدورهن المركزي في تفعيل حركة الجهاد، من خلال إمداد المجاهدين أثناء المعارك بالماء والرصاص، وتمريض الجرحى، ورفع معنويات المقاتلين بالأهازيج والزغاريد. ويذكر أنور باشا في مذكراته أنه: "كان لكل مجموعة تتكون من خمسة عشر مقاتلاً من قبيلة واحدة، خيمة واحدة ينامون فيها ويرأسهم عريف أو نائب عريف يعينه شيخ القبيلة. وكان يخصص لكل خيمة امرأة تقوم بخدمة الجنود وعمل ملابسهم وإعداد الطعام لهم أثناء راحتهم وحمل الماء والطعام اللازم للمقاتلين في ميدان المعركة، إلى جانب إثارة همم الرجال أثناء المعركة وتضميد جراح المصابين ورثاء الشهداء منهم وذكر محاسنهم. وقد كان في معسكري عين أبي منصور والظهر الحمر عدد من المجاهدات يتراوح ما بين 450 إلى 500 مجاهدة". وتوجد في ذاكرة الجهاد الليبي قصص بطولية خارقة لمجاهدات بارزات. ومنهن سليمة المقوس، التي أطلق عليها مراسلون أجانب تسمية "جان دارك العرب"، بعدما التي شاركت في "معركة قرقارش"، ضمن المجاهدين القادمين من "فزان" في جنوب ليبيا، الذين جاءوا من مسافات بعيدة في الصحراء لمقاومة الغزاة في طرابلس، وبعضهم يحمل سيوفا. وكان سلاح سليمة المقوس عصا طويلة، تتنقل بها بين مواقع المجاهدين، تبث فيهم الشجاعة بأهازيجها وزغاريدها. ويصف الكاتب الصحفي الإنكليزي ألن أوستلر في كتابه العرب في طرابلس (The Arabs in Tripoli) ، كيف كانت تلك المرأة الفزانية: "تركض في اتجاه المعركة ومعها كثير من النساء اللائي التحقن بالرجال، فكانت تركض في عجلة لتتقدم الرجال، فأصيبت بشظية مدفع في يدها، فكانت تومئ بها والدماء تسيل منها في اتجاه المحاربين وتقول لهم: والله إن أرتد أي منكم سنقطع وجهه بأظافرنا هذه ونرمي به ليعيش مع الأطفال. ووصلت إلى مرحلة لم تعد تتمالك فيها نفسها، فكانت أول من وصل إلى حافة الخندق الأول الذي غادره من نجا من الإيطاليين هربا بحياته، فغطست ذراعها حتى المرفق في ترعة حديثة من الدماء، ثم وقفت على حافة الخندق منتصبة وكأنها آلهة حرب إفريقية تنادي الرجال لدخول المعركة. وعلق أحد الحضور "ما شاء الله... ما شاء الله" أنا متأكد من أنها كسرت جمجمة أو جمجمتين بعصاتها تلك. وهكذا شاهدتها هذا اليوم تولول وترقص رقصات الحرب وهي لا تزال متوهجة المشاعر تطلب بندقية للدفاع بها عن وطنها. فقربت من خيمة القائد التركي وطلبت منه أن يعطيها بندقية، وكان قد سمع بقصتها وبأنها كانت في المعركة تحارب بعصاتها، فابتسم ولبي مطلبها فخرجتْ من الخيمة ببندقيتها وهي ومن معها يرقصون من الفرح.".

إنها الروح الجهادية الجمعوية التي ما كان لها أن تحافظ على جذوة إرادتها مشتعلة، فكرة وممارسة، لو لم يتوفر لها "سي" عمر المختار، بمواصفاته الشخصية والروحية النادرة. وإذا حسبنا "سي" عمر على الطريقة السنوسية،فقد كان سنوسيا بالانتماء الروحي. ولكن على طريقته الخاصة. فلم يكن تابعا يتلقى الأوامر من سادة السنوسية. كان السنوسيون يهابونه، ويتطلعون إلى نيل رضائه. فعندما يكتب إليه محمد الرضا، ممثل الأمير إدريس في ليبيا،بعد لجوء الأخير إلى مصر، يبدأ رسائله بـ: "من الرضا إلى عمر المختار: إلى ممثلنا حفظه الله...." وبعد أن يشرح له أفكاره، يخاطبه: "أرغب في أن توضح لي وجهة نظرك لأعرف كيف ينبغي أن أتصرف.." فالسيد محمد الرضا، زعيم الطريقة السنوسية بالوكالة،كان في واقع الحال تابعاً لما يقرره "سي" عمر على الأرض. إذ أنه أصبح،بعد مغادرة السيد أحمد الشريف ليبيا،سيد المشهد الجهادي بلا منازع. ولو كان في محل السيد أحمد الشريف لما ورط المجاهدين الليبيين في حرب غير محسوبة ضد الإنكليز في مصر، تلبية لرغبة الأستانة، بينما كان الإيطاليون يعيثون قتلا وتدميرا وراء ظهره. ولو كان في محل السيد إدريس السنوسي لرفض الانجرار وراء المفاوضات العبثية وتوقيع الاتفاقيات التنازلية لصالح المحتلين.

والحال أنه، بخروج السيد أحمد الشريف من ليبيا إلى تركيا ولجوء الأمير إدريس السنوسي إلى مصر، انتقلت الزعامة الجهادية، في برقة، إلى "سي" عمر. الشيخ المهيب، بلحيته البيضاء، التي تجلل وجهه الصارم على مسحة نبالة بدوية وقور. وعينان غائرتان، راكزتان كعيني صقر حر رابض في الأعالي. وجسم مربوع، لا هو بائن الطول، ولا ملحوظ القصر.ومنكبان عريضان يعكسان قوته وصلابته. أليس هو رأس القوم.وجبهة أسد خرطتها تجاعيد التجارب. أليس هو جبهة القوم. إنه "سي" عمر، الحسي كرصاصة في قلب الغازي، والصوفي على سجيته البدوية. فهو لم يكن شيخ دين زاهد معكتف في زوايته. كان ليبيا بدويا، كامل المواصفات. عاش بين شعبه كما يعيش شعبه. مثلهم رعي وحرث وبذر وحصد. يأكل كما يأكل البدو، ويلبس كما يلبسون ويسكن حيث يسكنون...


=================================================


أنور باشا قائد عسكري عثماني (22 نوفمبر 1881 - 4 أغسطس 1922)، كان إلى جانب أدهم باشا الحلبي وعزيز علي المصري ومصطفى كمال من كبار الضباط الأتراك البارزين، الذين جاءوا إلى ليبيا بعد الغزو الإيطالي لقيادة القوات التركية وتنظيم صفوف المجاهدين وتسليحهم وتدريبهم على القتال. وقد تسلم أنور باشا قيادة القـوات التركيـة وقوات المجاهدين العاملة في برقة. وهو قادة حركة تركيا الفتاة شارك في ثورة 1908 ضد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. وأصبح بعد رجوعه من ليبيا وزيراً للحربية. وقد قتل خلال حرب الاستقلال التركية العام 1922
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:15 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


هذه الصور بعد اعتقاله من قبل الاطاليين.




3



رغم أن "سي" عمر كان رافضا لأسلوب الأمير إدريس السنوسي، زعيم الطريقة السنوسية، في مفاوضة العدو الإيطالي وتوقيع الاتفاقيات المجحفة بحق ليبيا وحركة الجهاد الوطني، إلا أنه كان ملتزما بالولاء الروحي للطريقة السنوسية، وبمبايعته لزعيمها. لذلك سافر، سرا، إلى مصر للاجتماع بالأمير السنوسي العام 1923.

كان يريد من سفره الملئ بالأخطار الإطلاع بنفسه على موقف السيد إدريس من حركة الجهاد . وما إذا كان ينوي العودة إلى ليبيا أم لا. وكيف يمكنه مساعدة حركة الجهاد، من مهجره في مصر .

عرف "سي" عمر من السيد إدريس أنه لا ينوي العودة إلى ليبيا، وقرر البقاء في مصر، على أن يكون شقيقه، السيد محمد الرضا، ممثله في ليبيا. كان السيد إدريس رجلا مسالما، شديد الحرص على سلامته الشخصية وحياته الخاصة. وقد روى بنفسه لكاتب سيرته (دي كاندول) كيف شعر بالخطر عندما علم أن الحكومة الإيطالية قد طلبت من الحكومة المصرية تسليمه إليها. فيقول: "... شعرت بالخطر المحقق نظرا لأن الملك فؤاد كانت أمه إيطالية وقد تربى في إيطاليا، وتربطه بالإيطاليين علاقة حميمة، ربما تدفعه إلى تلبية طلبهم. ولذلك اتصلت بالمندوب السامي البريطاني، وكان شخصا يدعى المستر كلارك كير يعمل بالنيابة عن اللورد اللنبي الذي كان وقتها غائبا في إجازة. فذهب المستر كير هذا لمقابلة الملك فؤاد في قصر عابدين، حيث شاءت الصدف أن يلتقي بعلي باشا إبراهيم رئيس الوزراء وهو في طريقه للاجتماع بالملك حول نفس الموضوع. ولحسن الحظ تمكن المستر كير من إقناع علي باشا بتزكية وساطته في الخصوص، فتقرر منحي حق اللجوء السياسي شريطة التعهد بعدم المشاركة في أي نشاط مناهض للحكم الإيطالي في ليبيا وعدم الخروج من منطقة دلتا النيل. أما رفاقي الليبيون فلم يسمح لهم بالبقاء في مصر، بل كان عليهم أن يهاجروا إلى بلدان عربية أخرى، فيما عدا مساعدي الشخصي إبراهيم الشلحي. فانتقل علي باشا العابدية مثلاً للإقامة في فلسطين، كما أن بعض الإخوان الآخرين الذين لحقوا بنا فيما بعد، ومنهم عمر المختار، رجعوا إلى برقة لمواصلة المقاومة.وقد عاملني المصريون باحترام بالغ يعكس مدى إحساسهم بمحنة إخوانهم العرب الليبيين.وخلال السنوات الخمس الأولى من وجودي بمصر أقمت في القاهرة، فسكنت أولاً في بيت بشارع خموس باشا، ثم في شارع عمر بن عبد العزيز بحي المنيرة، وأخيراً في شارع رشدي باشا بحي جاردن سيتي.وكنت أقضي الصيف بالإسكندرية في منزل بحي بولكلي استأجرته من موظف بريطاني أثناء إجازاته. كما التحقت بنادي الجزيرة الرياضي حيث كنتُ أمارس لعبتيْ التنس والجولف.ورغم أنني وضعت تحت الرقابة المستمرة، إلا أن الشرطة المصرية كانت تؤدي عملها بأسلوب مهذب دائماً وكان مديرها آنذاك فيتز باتريك بك..." .

وأثناء وجود "سي" عمر في مصر حاول بعض شيوخ قبيلته، المهاجرين هناك، إقناعه بالبقاء معهم وعدم العودة إلى ليبيا، متعللين بأنه أصبح كبيرا في السن، ويحتاج للراحة، وأن هناك الكثير غيره من القادرين على قيادة الجهاد. لكنه أجابهم غاضبا: "إن كل من يقول لي هذا الكلام لا يريد خيراً لي، لأن ما أسير فيه إنما هو طريق خير، ولا ينبغي لأحد أن ينهاني عن سلوكها، وكل من يحاول ذلك فهو عدو لي." ويذكر عبد الرحمن عزام، الذي أستضاف "سي" عمر في بيته: "لما ودعنا في حلوان في سنة 1923 حين توجهه للجهاد ميؤوس من نتيجته كان يقول: ما الفائدة من العيش مهاجرا ذليلا؟! يجب أن أعود لأموت، وأودي بذلك آخر حق عليّ لله ولبلادي".

كان "سي" عمر مدركاً أن لا قدرة للمجاهدين، بأسلحتهم البسيطة، على دحر الغزاة عن أرض الوطن. لكنه كان مؤمناً، في الوقت نفسه، أن لا مفر أمام الليبيين إلا مجاهدة الغزاة، جيلا بعد جيل. وهو ما سوف يعبر عنه بوضوح جلي أثناء مواجهته للجنرال غراسياني بعد وقوعه في الأسر. إذ سأله الجنرال غراسياني، الحاكم العسكري لبرقه: "هل كان لديك أي أمل في أنك سوف تستطيع إخراجنا من برقة بهذا العدد القليل من الرجال الذين يحاربون معك، وتلك المعدات الضئيلة التي تملكها؟! فأجابه شيخ الجهاد بهدوء: كلا، فإن هذا، على ما يبدو، كان أمرا مستحيلا. فسأله ثانية: ماذا كان غرضك إذن، وماذا كنتَ تبغي؟! فأجابه بتواضع قاطع :كنتُ مجاهدا وكفى ." وهو لم يكن مجاهدا وكفى. كان "أسطورة الزمان" بعبارة الجنرال الفاشستي، الذي لم يخف إعجابه به، عندما كتب في مذكراته:"هذا الرجل أسطورة الزمان، الذي نجا آلاف المرات من الموت، ومن الأسر. واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام، لأنه الرأس المفكر، والقلب النابض للتمرد في برقة.وكذلك كان المنظم للقتال، بصبر ومهارة فريدة، لا مثيل لها، سنين طويلة.... كان رجلا عرف كيف يستغل، بكل دقة وخبرة، حالة البيئة ونفسية الناس. ومن خلالها سيّر دفة الحرب في برقة..."

عاد "سي" عمر من مصر، إلى جبله الأخضر، لقيادة حركة الجهاد دون تبعية مباشرة للأمير السنوسي في القاهرة، أو لأخيه ممثله في برقة. وما أن اجتاز الحدود المصرية متوغلا في أراضي برقة معه بضعة من رفاقه حتى اكتشفوا أنهم عرضة لكمين إيطالي، مكون من بضع سيارات عسكرية مُحمَّلة بالجنود، خاضوا ضدهم معركة ضروس، انتصروا فيها، بعدما كمنوا للسيارات وعطلوا عجلاتها، كي يتمكنوا من مهاجمة الجنود وهم في وضع ثابت. فقتلوهم جميعاً وغنموا أسلحتهم.

ولم يكن مفهوم "سي" لـ"الجهاد وكفى" مفهوماً عاطفيا إنفعاليا. فهو كان يدرك حجم الاختلال الهائل في توازن القوى لصالح المستعمر الإيطالي بتعداد جيشه الضخم الذي تجاوز نصف المليون، مزوداً بأحدث أسلحة عصره، إلى جانب أكثر عشرات ألوف المستوطنين، مقابل بضعة آلاف مجاهد مزودين بأسلحة بسيطة، وما يغتنمونه في المعارك ضد المستعمرين. لكن ذلك الاختلال الهائل ما كان ليمنع "سي" عمر ومجاهديه من مُصاوَلة جيوش الغزاة المحتلين، من طريق حرب العصابات الاستنزافية بتكتيكات حربية مبتكرة وبارعة، و"بصبر ومهارة فريدة، لا مثيل لها، سنين طويلة.... كان رجلا عرف كيف يستغل، بكل دقة وخبرة، حالة البيئة ونفسانية الناس.ومن خلالها سير دفة الحرب في برقة..." بتعبير غرتسياني.

وهكذا بعد عودة "سي" عمر من مصر، انتهى دور الأمير إدريس السنوسي في قيادة حركة الجهاد عمليا. وأصبح موقع السيد الرضا كنائب له شكليا.وعندما بعث السيد إدريس السنوسي بكتاب إلى سي عمر، طالبا منه الانضمام إليه في مصر، أرسل إليه شيخ المجاهدين بجواب حاسم: "لن أبرح الجبل الأخضر مدة حياتي، ولن يستريح الطليان فيه، حتى يواروا لحيتي في
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:16 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

4


نظّم سي عمر المجاهدين، الذين لم يكن عددهم يتجاوز ألفين وخمسمائة مقاتل داخل الجبل الأخضر، في ثلاثة "أدوار= معسكرات" رئيسة، قادها ثلاثة من كبار قادة المجاهدين. وهم: المجاهد حسين الجويفي قائد "دور البراعصة والدرسة"، والمجاهد يوسف بورحيل قائد "دور العبيد والعرفة"، والمجاهد الفضيل بوعمر قائد "دور العبيدات والحاسة". علاوة على "أدوار" أخرى خارج الجبل الأخضر، مثل "دور المغاربة" الذي كان يقوده المجاهد صالح لطيوش، و"دور العواقير" بقيادة المجاهد عبدالحميد العبار، إضافة إلى "طوابير = تشكيلات" صغيرة منتشرة في أنحاء برقة، إلى جانب مئات المسلحين من أهالي النجوع دون أن يكونوا منظَّمين في معسكرات محددة. ولم تكن "الأدوار" هذه حكرا على أفراد القبائل المسماة بها. فقد كانت تضم مجاهدين من قبائل أخرى كثيرة. وكان المجاهد الملتحق بـ"الأدوار" يأتي بسلاحه، وبجواده إذا كان مُقتدرا، أو يأتي راجلا. وكان لكل "دور" قيادة عسكرية وإدارة مدنية ومرجعية شرعية (قاضي شرعي). وكانت نساء المجاهدين، بشهادة الجنرال غراسياني، يتحملن: "مشقة القيام مع ذويهن في النجوع وفي المدن تحت خطر الوشاية بهن، فيتسللن فيما بعد إلى المعسكرات ويقمن بتضميد الجرحى من المقاتلين وعند الاحتكاك بقواتنا يقمن بمد المقاتلين بالمياه والذخيرة، وعندما يشتد القتال يقمن بحشو البنادق بالذخيرة بحيث لا يُضيّع المقاتل وقته في حشوها، وينقلن الجرحى إلى المخيمات للعلاج والتمريض، ويقدن قوافل الإبل لحمل المياه والمؤن للمقاتلين في المدن". وكان يرأس "الدور" قائمقام ومعه مجلس مشايخ يعود إليه للتشاور في حل المشاكل المتصلة بشؤون "الدور". وكان سي عمر يرأس مجلس القيادة الأعلى، الذي يضم، إضافة إليه ونائبه المجاهد يوسف بورحيل، عشرة آخرين من كبار قادة المجاهدين. وكانت أبرز مهام المجلس الأعلى رسم الخطط العسكرية الإستراتيجية ومعالجة مشاكل "الأدوار" والنقص في السلاح والذخيرة ومنح الرتب والترقيات للمجاهدين حسب توصيات القادة الميدانيين، والطلب من القبائل تعويض شهدائها من المجاهدين بعدد مساوٍ لسد النقص أو دفع 1000 فرنك عن كل مجند لا تستطيع القبيلة توفيره كي يُجند بالمبلغ أحد غيره. ويقوم المجلس الأعلى أيضا بسن التشريعات والتوجيهات العليا، والنظر في أحكام المحاكم الشرعية بخصوص إنزال القصاص في المجرمين والخونة، وجباية ضرائب الزكاة والأعشار وتلقي التبرعات المالية من التجار والأغنياء. وكان الكثير من الأهالي الخاضعين للسيطرة الاستعمارية يمارسون ما سماه القائد الفاشيستي أتيلو تروتسي والي برقة 1926-1927 بـ"الذكاء البدوي والمكر الفطري اللذين جعلا السياسية الاستعمارية تتخبط في صيغها العسكرية والحربية"، حتى صارت "السياسة الإيطالية الاستعمارية أضحوكة تتندر بها المحافل السياسية الدولية حيث أوقعتها تلك الحفنة من رجال البادية في تلك اللعبة الماهرة التي رصدها غراتسياني في ظاهرة الولاء المزدوج، الذي أدى إلى التظاهر بالولاء نهاراً والانخراط في صفوف المجاهدين ليلاً، فيما عُرف بحكومة الليل.."

لقد ابتكر سي عمر إستراتيجية جهادية تعتمد على تكتيك الكر والفر. أي الهجوم والانسحاب، مؤسسا بذلك لمفهوم "حرب العصابات" الحديثة، التي قادها من أدغال الجبل الأخضر وأوشازه وأجرافه ووديانه، في سلسلة معارك استنزاف مستمرة لقوة العدو وقدراته طوال عشرين عاما، متجنبا أساليب هجوم الحشود التي تبعها المجاهدون الليبيون في بداية الغزو، لا سيما في طرابلس. فكان ينصب الكمائن لقوات لعدو وينقض في مجموعات صغيرة على حامياته الطرفية وخطوطه الخلفية وطرق امتداداته ودورياته العسكرية، ومخازن تموينه بالغذاء والأسلحة والذخيرة. وكان لديه قوة بارزة من المجاهدين، مختصة بالاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو. ومن الأساليب الذكية التي ابتكرها جر قوات العدو إلى معارك وهمية، بحيث يقوم بالقصف المدفعي من البر والبحر على مواقع وهمية للمجاهدين. فيغنم المجاهدون ظروف طلقات المدفعية الفارغة ليصنعوا منها الرصاص ويعبئوها بالبارود.

كانت مصادر أسلحة المجاهدين، عند بداية الغزو الإيطالي،تركية المصدر. وكانت متخلفة بالنسبة إلى أسلحة الغزاة المتطورة. ثم تنوعت أسلحة المجاهدين، أثناء الحرب العالمية الأولى، بالحصول على بنادق ألمانية وحتى بنادق أمريكية من تركيا، لا سيما عن طريق الشحنات التي كان السيد أحمد الشريف يرسلها من منفاه في إستانبول، إضافة إلى ما يهربه الليبيون المهاجرين في مصر. لكن المصدر الرئيس لعتاد المجاهدين كان يأتي من العدو الإيطالي كغنائم معارك أو بالإغارة على مخازن أسلحته وذخيرته، وأيضاً من الأسواق السوداء لبيع الأسلحة، التي كانت منتشرة على نطاق واسع منذ بداية الغزو. ونجد وصف ذلك فيما كتبه مراسل صحيفة السنترال نيوز الإنجليزية في طرابلس: "أتاني أحد العربان ببندقية إيطالية وطلب مني فيها ليرة إنجليزية وأكد لي هذا العربي أنه قتل صاحبها وغنمها منه. أما مهارة العرب في استعمال البنادق من أي نوع فقد كان باعثا لشدة عجبي والغريب أنهم يعرفون السلاح الجيد من غيره كأحد ضباط أركان الحرب".

لقد تمكن المجاهدون من الحصول على آلاف البنادق ومئات مدافع الرشاش من أسلحة المحتلين. وحسب الجنرال غراتسياني فإن: "الشعب الليبي بأسره كان في سنة 1922 مسلحا بأسلحة حربية من كل نوع وبتوسع، ومأخوذة من عدة مصادر.. والمصادر هي: (1) قبل كل شيء الغنائم من المعارك التي خسرناها أثناء الاحتلال الأول. (2) تم الاستيلاء على مخازن الأسلحة إبان انقلابات سنة 1915. (3) وكذلك الإمدادات من الدولة التركية والألمانية. (4) وأخيرا التهريب عن طريق الحدود وبالأخص الشرقية.."

ومنذ أن بدأت المقاومة الجهادية الواسعة في برقة عام 1924، ودون أن نحسب سنوات الجهاد قبلها، قاد سي عمر مع مجاهديه مئات المعارك ضد الغزاة الفاشيست. وقد أقر الجنرال غراتسياني، في مذكراته، بوقوع مائتين وثلاث وستين معركة بين جنوده والمجاهدين بقيادة عمر المختار في مدة لم تتجاوز عشرين شهرا، بدأت بتولي غراتسياني قيادة الجيش الإيطالي في برقة وانتهت بشنق سي عمر في 16 سبتمبر 1931.

شارك سي عمر شخصياً في الكثير من المعارك، ومن بينها معركة "الرحيبة" في منطقة جردس العبيد عام 1927، والتي تُعتبر أحد أكبر المعارك التي قادها وقاتل فيها. وفيها انهزمت قوات الاحتلال بعدما فقدت المئات من جنودها وضباطها، وعلى رأسهم ثلاثة جنرالات كبار. ومن المعروف أن سي عمر كان يهزج في المعارك. ومن ذلك أهزوجته في معركة "يوم العيد"، حيث اهتزج أثناءها: "جيتو في عيد/ ويوم سعيد/ إن عشت سعيد/ وإن مت شهيد..." أو وهو يرجز، في غيرها: "أجواد راكبين الخيل على وطنا مانمايلوا..".

ونجد في واحدة من رسائله النادرة وصفا دقيقا مختزلا لأحدى المعارك. وهي معركة "كرسه"، التي استشهد فيها القائد الكبير الفضيل بوعمر، حيث كتب: "وفي يوم السبت 26 ربيع الآخر سنة 1349 هـ هجم العدو على دور العبيدات والحاسة عند نقطة "القِبنة". وكان رئيسه السيد الفضيل بو عمر، ولما حان وقت صلاة الظهر، قسم السيد الفضيل الجيش إلى قسمين. فصلى بالطائفة الأولى صلاة الخوف، فلما أتمت الطائفة الأولى صلاتها، ذهبت تجاه العدو. وأتت الثانية فأتمّ بها الصلاة. وركب جواده وتقدم يحرض الجيش على القتال، وهو يكبر ويهلل. وهكذا كلما حضرت الصلاة يعمل هذا العمل، إلى أن استشهد رحمه الله، وقد استشهد معه أربعون شهيد، منهم السيد أحمد الغماري، والسيد محمد الصادق الغوالي، والشريف القاسم، وأخوه. وقد وجدنا في ميدان القتال ما ينيف عن خمسمائة قتيل من العدو، بينهم ماجور وثلاثة ضباط....."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:18 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

5



كانت شخصية سي عمر القيادية الفذة وخططه العسكرية البارعة، تنعكس انتصارات متوالية على القوة العسكرية الفاشيستية المتفوقة. وقد شهد عدوه بذلك. فالمارشال بادوليو حاكم ليبيا، ما بين 1929 ـ 1932، وصف سي عمر بأنه: «قائد محنك ومنظِّم بارع ولبق إلى أقصى حد.ونظام مخابراته الممتاز يسمح له برفض القتال عندما لا يكون متأكداً انه في صالحه.أضف إلى ذلك وجود جهاز حديدي لمكافحة التجسس لديه، وهو من النجاعة بحيث لا تروج المعلومات إلا تلك التي يريد لها هو ذلك. فهو محصن من الجانبين من هذه الناحية. وإلمامه الكامل بالأرض وطبيعتها،خاصة منطقة الأحراش الشاسعة وكهوف ومنعرجات الجبال، يُسهِّل عليه القيام بأي حركة يقررها. وأنصاره أشخاص ظلوا لا يمارسون أي حرفة أو نشاط عدا احتراف «العصيان». وأصبحوا يألفون حياة المغامرات هذه والتمرد والقتال. تحيط بهم هالة من أساطير البطولة والفداء. والأهالي منحازون الى «التمرد» ويسهمون فيه بكل الطرق،ويقدمون للعصاة وسائل العيش والقتال".

وإذ عجز المستعمر الفاشيستي عن السيطرة على الجبل الأخضر، معقل المقاومة الحصين، عمد إلى تطويقه وقطع طرق الإمدات إلى المجاهدين فيه ومنع تواصلهم مع بقية الأدوار الجهادية خارج الجبل الأخضر، حيث قامت آلة الحرب الفاشيستية بحملة عسكرية كبيرة في 8 فبراير 1926، لاحتلال واحة الجغبوب:"لما لهذا الواحة من أهمية كبرى،لأنها نقطة تجمع سياسي واقتصادي.وعن طريق هذه الواحة،تصل الامدادات إلى الثوار،وكذلك التجارة مع مصر.فكان احتلالها ضروريا لكي نقطع هذه الامدادات،ويمكننا التغلب على الثوار. وفعلا تم احتلال الجغبوب يوم 16 فبراير 1926،حيث لم تجد قواتنا مقاومة عنيفة،فقد سلم سكان الواحة.."

وفي الواقع أن الذي سلم الواحة الاستراتيجية للطليان كان القائد السنوسي صفي الدين السنوسي،ومعه عدد من شيوخ العائلة السنوسية. فخرج منها المجاهدين بأمر من القادة السنوسيين وتركوها بدون مقاومة. فأستولى عليها الطليان، وعينوا عميلهم الشارف الغرياني شيخا للزاوية السنوسية في الجغبوب. ثم حشد الطليان قوات هائلة من ثلاثة محاور: طرابلس وبنغازي والجغبوب لمحاربة "دور" قبيلة المغاربة المنتشرة من إجدابيا حتى سرت، والتي كان مجاهدوها، إضافة إلى المجاهدين من القبائل الأخرى في المنطقة الوسطى، يحيلون دون الاحتلال وتحقيق هدفه في ما يسميه اتيلو تروتسي، والي برقة، بـ"توحيد المستعمرتين برقة وطرابلس". وهما الولايتان اللتان كانتا منشطرتين عند المنطقة الوسطى بفعل حركة المقاومة المنتشرة في تلك المنطقة، والعاملة على منع السلطة الاستعمارية من الوصل البري بين الولايتين، مما يتيح للمجاهدين في الوسط والجنوب الكر والفر على الجبهتين في الغرب والشرق، وتأمين طريق الامدادات للمجاهدين في الجبل الأخضر.

كانت القوات الفاشيستية تخشى مواجهة قبيلة المغاربة. فهي تشكل بالنسبة للمستعمر الإيطالي: "أكثر المخاطر إثارة للقلق وأكثر القوى جدارة بالاعتبار. فكانوا يعتبرون أشد قبلة محارِبة في برقة. ويقال إنهم في تبرمهم بالخضوع بسبب البداوة الفارطة، كان من الصعب، في كل زمن، وفي ظل أي حكم، جرهم إلى الطاعة. أما عن موقفهم نحونا، فقد تجنبوا أي إتصال غير عدائي." لذلك حشدت السلطة الاستعمارية جيشا كبيراً، وبأساليب عسكرية غير مسبوقة، يقول عنها تروتسي:"لعلها جديدة في مجال العمل الاستعماري، ويتوقف نجاحها على التنسيق المناسب للوسائل الحربية الحديثة، أي على الطيران للقيام بمهمة الربط وعلى الراديو لنقل التعليمات، وعلى العربات للتحول السريع. مع توفر عامل التفوق في المصفحات والمدفعية المحمَّلة على العربات، التي لن يكون في وسع البدو بلوغها، بسبب قوة نيرانها. ويفسر سبب اللجوء إلى حشد كل هذه القوات الهائلة بأسلحتها ومعداتها الأكثر تطور في العالم، وقتها، بالقول أنه قد:" قيل، أو طاف بالفكر أن العمل العسكري بالمقارنة إلى الفاعلية الضئيلة للثوار كان أغلى نفقات مما كان ينبغي وهذه الملاحظة كما هو واضح هي ثمرة الجهل بمعنى الحرب في مستعمرة وبصفة خاصة ضد المسلمين الذين يضيف إليهم الدين مقاومة أخلاقية معنوية لا تقل بحال عن المقاومة البدنية المتمرسة بكل قوة الحياة البدوية في بلدان محرومة من كافة المصادر."

وبينما اختار قسم من قبيلة المغاربة، المعروفين بـ"الشماخ"، الاستسلام وتسليم أسلحتهم للسلطة الاستعمارية والدخول في طاعتها، تمسك مجاهدو المغاربة <الرعيضات> بقيادة المجاهد الأسطوري صالح لطيوش بالمقاومة، واعتبروا المغاربة الشماخ خونة، والتزموا بتوجيهات سي عمر، الذي أرسل إلى قادة المجاهدين في المنطقة الوسطى، ما بين إجدابيا وسرت، يطالبهم بعدم الاستسلام ومواصلة القتال، على الرغم من رغبة الرضا السنوسي، وكيل الأمير ادريس السنوسي، في الاستسلام لسلطة الاحتلال، حيث أرسل مبعوثا، هو الشيخ عبد العزيز العيساوي، برسالة إلى والي برقة، اتيلو تروتسي، طامحاً في عنايته "الرحيمة"، كما جاء في رسالته، والتي قال فيها أيضاً: "إنني على استعداد لأن أفعل كل ما يطلب مني في سبيل تهدئة البلاد، وفي حالة عدم رغبة معاليكم في الاستفادة من عملي، فإنني أفضل التزام الهدوء، وسأمتنع عن كل ما من شأنه أن يكدر الحكومة بالقول أو العمل." وبعدما خاض المجاهدون في دور المغاربة <الرعيضات> مع غيرهم من الأدوار القبيلة الأخرى معارك بطولية ضد القوات الفاشيستية المتفوقة، اضطروا للانسحاب إلى دواخل الواحات النائية عن سلطة المحتل، لا سيما واحة الكفرة الكبيرة، لكنهم لم يتوقفوا عن شن هجماتهم الخاطفة على مواقع الطليان في المنطقة الوسطى.

وفي الأول من يناير 1928 جاء السيد محمد الرضا السنوسي إلى إجدابيا،ومعه ابنه الصديق ومجموعة من أعوانه، ليعلن أمام قائد المنطقة استسلامه ومعه تحت إمرته ثلاثمائة مسلح. وقد صرّح أمام القائد الإيطالي، وفي حضور بعض الشيوخ المتعاونين مع المحتل، قائلاً: "إني أثق في كرم حكومة إيطاليا وأضع نفسي وأبنائي والطريقة <السنوسية> التابعة لي تحت تصرفها." وسوف يتعهد بالكف عن أي نشاط سياسي ضد إيطاليا،مقابل الاعتراف به نائبا للطريقة السنوسية،وبحقه في تعيين شيوخ الزوايا،والحفاظ على الزوايا السنوسية،وأن يُسمح له بالبقاء في بنغازي.لكن سرعان ما تم نفيه بعد ذلك إلى صقلية بأمر من وزارة المستعمرات في روما. والشاهد أن استسلام السيد محمد الرضا ومن معه من السنوسيين وأتباعهم من المسلحين،شكّل ضربة كبيرة لسي عمر ومجاهديه في الجبل الأخضر.

لقد كان سي عمر، رغم ولائه للطريقة السنوسية، يرفض طاعة زعمائها فيما يسيء للمقاومة. فهو وإن كان، رسميا، نائب الوكيل العام، السيد رضا السنوسي، شقيق الأمير ادريس السنوسي، فإنه لم يتبعه في استسلامه. وأصبح يوقع باسم "قائد القوات الوطنية"، وأطلق على المقاومة الجهادية تسمية الحركة الوطنية، في ربط واضح لها بمفهوم الوطنية، وذلك حتى لا تكون المقاومة خاضعة لمصالح العائلة السنوسية الخاصة،ولكي يعطي لنفسه سلطة القرار في قيادة الحركة الوطنية. وهو عندما قبل، فيما بعد، بعقد هدنة محددة والتفاوض مع السلطة الاستعمارية، فعل ذلك بطريقة مدروسة كما سنعرف تفصيله لاحقا. ولما أدرك عدم جدوى التفاوض مع المحتل أوقف الهدنة من طرفه. وقد نشر في جريدتي الإخبار والمقطم، يوم 20/10/1929، بيانا سياسيا أوضح فيه موقفه وكشف عن مرواغة السلطة الاستعمارية "من أجل كسب الوقت فقط". لذلك رأى ضرورة وقف المفاوضات العبثية، ودعا كما جاء في بيانه المنشور إلى: "استئناف القتال والحرب دون الرجوع إلى اللقاءات والمحادثات السابقة. ولا اتصالات جديدة ولا اي وساطة من أي ناحية، حتى لو كانت من أجل أفراد العائلة السنوسية." وواضح هنا استقلالية قائد القوات الوطنية عن القيادة السنوسية في اتخاذ قرار الهدنة أو القتال حسب ما تميله ظروف المقاومة وليس حسب رغبات أفراد العائلة السنوسية، كما فعل محمد الرضا وابنه الصديق ثم ابنه الحسن. فسي عمر يدرك أن الزعماء السنوسيين، نتيجة لتفريطهم بواحة الجغبوب المركزية ثم الواحات الداخلية واستسلام الرضا للعدو، مكّنوا الطليان من قطع طرق الإمدادات إلى القوات الوطنية في الجبل الأخضر من ثلاث جهات. من الشرق حيث مصر ومن الغرب حيث إقليم طرابلس ومن الجنوب حيث إقليم فزان، فانحصرت حركة المقاومة الجهادية في الشمال،حيث الجبل الأخضر. إلا أن ذلك لم يزعزع إيمان سي عمر ومجاهديه بمواصلة القتال،بل وبضراوة أقوى، مُلحقين بقوات الاحتلال خسائر متوالية في الأرواح والمعدات، علاوة على هروب الكثير من المستوطنين من مستوطناتهم الزراعية خوفا من هجمات المجاهدين. الأمر الذي كشف فشل مخططات السلطة الاستعمارية لإخماد المقاومة الجهادية، وأدى إلى استقالة وزير المستعمرات في روما ووالي طرابلس دي بونو ووالي برقة تروتسي، وتعين المارشال بادوليو حاكما عاما لليبيا، أي ولايتي طرابلس وبرقة بعدما تمكن الجيش الاستعماري من ربط التواصل البري بين الولايتين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:20 pm


6

بعد وصول المارشال بيترو بادوليو إلى طرابلس، يوم 24/1/1929، لاستلام منصبه كحاكم عام لليبيا، أصدر على الفور بيانا عاماً موجَّها إلى الليبيين، ألقت به الطائرات في شكل منشورات فوق المدن والقرى والنواجع في مختلف أنحاء البلاد. تضمن البيان عرضا بالعفو عن كل مَنْ يسلم نفسه وسلاحه للسلطة الاستعمارية. كما حمل تهديداً بالعقاب القاسي لكل من يرفض الاستسلام ويواصل المقاومة ضد الاحتلال.

وفي الجانب العسكري كان لدي المارشال بادوليو إطلاعا دقيقا على وضع قواته وقدراتها. فهو قد عُيّن في منصبه، بعد فشل غيره في القضاء على المقاومة. فرغم الطوق العسكري المضروب حول حركة المقاومة الوطنية في الجبل الأخضر، استطاع سي عمر، بفضل قيادته المحنَّكة وخططه العسكرية البارعة وشجاعة رجاله المذهلة، تكبيد القوات الاستعمارية خسائر جسيمة، في سلسلة معارك متواترة، وقعت معظمها في مناطق مختلفة بالجبل الأخضر، وبعضها في مناطق بعيدة عنه.

كان المارشال بادوليو في حاجة لكسب الوقت من أجل إعادة تنظيم جيشه الاستعماري وتعزيزه بقوات جديدة وتجهيزه بالمعدات العسكرية اللازمة لشن معركته الشاملة للقضاء على حركة الجهاد نهائيا،حسب تصوره، فأمر نائبه في برقه، الجنرال سيشلياني، أن يسعى في طلب التفاوض مع عمر المختار، بواسطة بعض الأعيان المتعاونين مع الاحتلال، بغرض الوصول إلى هدنة توقف القتال وتفتح الطريق أمام مفاوضات سلمية بين إيطاليا وعمر المختار. لكن بادوليو لم يكن يبغي التوصل إلى اتفاق سلمي حقيقي مع الحركة الوطنية. كان، كما كتب المؤرخ الإيطالي جورج روشات، يستهدف: "من وراء طلب السلام تحقيق تغلغل تدريجي داخل البلاد يحقق لإيطاليا أهدافها بدلا من اللجوء إلى الطرق التقليدية المستندة على السلاح"

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يحاول فيه الطليان استمالة سي عمر إلى المفاوضات. فقد سعوا عدة مرات إلى الاتصال به،من خلال عملاء لإيطاليا قدموا إليه إغراءات حياتية مريحة مقابل وقف المقاومة أو تخليه عن قيادتها. وتعود هذه المساعي إلى وقت وجوده في مصر العام 1923 بغرض الاجتماع بالأمير إدريس السنوسي. حينها قدم له أولئك العملاء عرضا شفويا من طرف الحكومة الإيطالية، تتعهد فيه بتوفير سكن مريح له في بنغازي أو المرج، شرط أن يلزمه. وأن تتعامل معه إيطاليا بصفته الشخصية الأولى في برقة وطرابلس - أو أن يختار البقاء لاجئا في مصر على أن تقطع له روما راتبا كبيرا يوفر له حياة رغيدة - ويكون الأمر سرا حفاظا على سمعته مقابل أن يعمل على إقناع المجاهدين والأهالي بوقف الجهاد وإلقاء السلاح وعقد الصلح مع إيطاليا. فكان رد سي عمر حاسماً:" ثقوا أنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأي واتجاهي فإن الله سيخيبه. ومن (طياح سعد) إيطاليا ورسلها هو جهلها بالحقيقة. وأنا لم أكن من الجاهلين والموتورين فأدعي أنني أقدر أعمل شيئاً في برقة. ولست من المغرورين الذين يركبون رؤسهم ويدعون أنهم يستطيعون أن ينصحوا الأهالي بالاستسلام. إنني أعيذ نفسي من أن أكون في يوم من الايام مطية للعدو وأذنابه فأدعوا الأهالي بعدم الحرب ضد الطليان. وإذا لاسمح الله قدّر عليّ بأن أكون موتوراً فإن أهل برقة لايطيعون لي امراً يتعلق بإلقاء السلاح إنني أعرف أن قيمتي في بلادي إذا ماكانت لي قيمة."[

وفي العام 1925 كلف الإيطاليون عميلا عربيا يعمل مترجما مع قوات الاحتلال بكتابة رسالة باسمه إلى سي عمر تُرغِّبه في التفاهم مع إيطاليا،على أساس أن وجودها في ليبيا دائم وبمثابة قضاء وقدر. وإن سلطتها تمثل ولي الأمر الحاكم، مما يُلزم الليبيون بإطاعتها: "لأن لا سلطة على الأرض إلا من ربهم." وكان اسم العميل عبود بك أبا راشد،كما جاء في مقدمة رسالته: "من عبود بك أبي راشد العربي الغساني أصلا،واللبناني مولدا والخولاني مسكنا، إلى السيد عمر المختار..." وكان يعتقد أنه بتعريف نفسه على هذا النحو سوف يكسب تعاطف سي عمر وتفهمه لجهة كونه عربيا ينتمي إلى قبيلة الغساسنة اليمنية الأصل،التي نزلت سهول الشام وأسست مملكة الغساسنة. وإمعانا في التدليس يذكر أنه خولاني المسكن نسبة إلى منطقة خولان في شرق الجبل الأخضر، والتي كانت تُعد أحد أبرز مراكز قوات المجاهدين. ويريد العميل بذلك أن يقول أنه ليبي بالإقامة وإن كانت إقامته بمعية الإيطاليين إلا أنه يعتبر عمله خدمة لإخوانه في العروبة: "إن إقامتي هنا ليست لكسب المال أو لإحراز الشرف، فإني الحمد الله مبسوط جداً في وطني، وأهلي على جانب عظيم من الغنى والثروة. وإني أمير من أمراء غسان ملوك الشام. ولكن قسم لي الله أن أحضر إلى هذا الوطن لأساعد أهله وأكون واسطة خير فيما بينهم وبين حكومتهم <يقصد الحكومة الإيطالية> التي أوكد لكم أن نواياها حسنة جداً على العرب." وواضح من قراءة رسالة العميل أنها لم تكن سوى ترجمة لأفكار السلطة الاستعمارية في سياق الدعاية المبرمجة لاستمالة المجاهدين للاستسلام وإدخال اليأس إلى نفوسهم وإحداث البلبلة في صفوفهم.

وإذ أتضح للمارشال بادوليو رفض المجاهدين والأهالي الذين يساندونهم عرض العفو مقابل الاستسلام والدخول في طاعة حكومة الاحتلال، أطلق العنان لتهديداته بشن حرب شاملة ضد المجاهدين والأهالي الذين يساندونهم. فرد سي عمر على تهديداته بتكثيف عمليات المقاومة ضد القوات الإيطالية وتكبيدها خسائر فادحة. فاضطر المارشال الفاشستي إلى التخفيف من لغة التهديد والوعيد، وتكثيف مساعيه في طلب التفاوض والهدنة. وكان سي عمر وصحبه في حاجة للهدنة أيضا،لضرورات استراحة المحارب وإلتقاط الأنفاس وترتيب الأوضاع، سيما بعد الخسائر الكبير التي لحقت بحركة الجهاد في الجغبوب والمنطقة الوسطى والواحات الداخلية.

كان لدى سي عمر شكوكه في نوايا السلطة الاستعمارية من وراء إبداء رغبتها في التفاوض. لذا كانت له شروطه الوطنية الثابتة التي سوف يتمسك بها أثناء المفاوضات. وفي اجتماعه مع الجنرال دودياشي متصرف مدنية درنة، المعروف عنه ميله إلى التفاهم مع المجاهدين، ممثلا للمارشال بادوليو، في منزل على العبيدي شيخ قبيلة "العبيدات"، الذي سالم الطليان وامتنع عن قتالهم، اشترط سي عمر قيام الحكومة الإيطالية ببادرة حسن نية قبل إنعقاد المفاوضات،تتمثل في السماح للسيد محمد الرضا بالعودة من منفاه إلى بنغازي -وهو ما تم في 21 مارس 1929-. فرغم رفض سي عمر لموقف السيد محمد الرضا الاستسلامي ودخوله في طاعة السلطة الاستعمارية، إلا أنه لم يخرج عن إنتمائه للحركة السنوسية.

بعد ذلك الاجتماع جرت عدة لقاءات تفاوضية ولكن دون التوصل إلى أي نوع من الاتفاق. إذ أن الوفد الإيطالي قدّم: "صيغة تقريرية لشروط ايطاليا من أبرزها شرط تسليم المجاهدين لنصف سلاحهم مقابل ألف ليرة للبندقية، ويُضم نصف المجاهدين الآخر الذي احتفظ بسلاحه إلى تنظيمات تنشئها الحكومة لفترة من الزمن يتفق عليها إلى أن يتم إعداد المكان المناسب لإقامتهم وتموينهم ومراقبتهم. ولم تتضمن تلك الشروط أي حق سياسي لليبيين وقد رفضها المختار بشدة كما عارض فكرة نزع السلاح من المجاهدين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:26 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:27 pm


8



كان بادوليو، على الضد من مسار المفاوضات، يخطط لأمر لآخر. "فقد أبرق إلى روما، بعد مفاوضات سيدي رحومة معلنا أن عمر المختار ورجاله قد استسلموا، دون ذكر الشروط التي تم على أساسها الاستسلام. وعقد في طرابلس مؤتمرا صحافيا نفى فيه أنه قام بمفاوضات مع عمر المختار وأن الأخير استسلم بناء على ضغط رجاله الذين أرهقتهم الحرب والحرمان والمصاعب. وذهل الناس في ليبيا لهذا النبأ. وكان عمر المختار أكثرهم ذهولا. فهو لم يستسلم ولم يعِد بادوليو بشي باستثناء الاتفاق على هدنه شهرين. غير أن هذا الاستسلام المزعوم كذبته الوقائع. فقد ظل عمر المختار ورجاله محتفظين بسلاحهم ينتظرون رد إيطاليا بخصوص مواصلة المفاوضات. ولكن الإيطاليين صدقوا بادوليو وظلوا ينتظرون وصول عمر المختار إلى بنغازي مستسلما وطال انتظارهم ولم يسلـّم المجاهدون بندقية واحدة."

كان المارشال بادوليو يريد استغلال فترة الهدنة لشق صفوف المجاهدين وبث الفرقة بين سي عمر والقيادات السنوسية، التي استهدف استمالتها عن طريق تقديم الإغراءات بالمال والمناصب، للتوقيع على اتفاق يضمن سيادة إيطاليا الكاملة على ليبيا. وكان سي عمر عارفا بالاتصالات الإيطالية المشبوهة بالحسن الرضا، الصبي ذو السابعة عشر عاماً، بصفته ممثلا للطريقة السنوسية نيابة عن أبيه محمد الرضا الوكيل للعام للطريقة السنوسية. كان الحسن صبيا غراً. وكان في اجتماعات التفاوض التي حضره مع سي عمر يجلس صامتا. فالكلام والقرار كان للسيد المختار وحده. وكان الحسن تابع لوجهة نظر والده، الذي كان يميل إلى مسالمة الطليان، ويحث عمر المختار على عدم تفويت فرصة الاتفاق معهم.

وهكذا، بعد حوالي شهر من "اجتماع سيدي رحومة" جاء سيشلياني مندوب بادوليو ومعه الحسن الرضا للاجتماع بسي عمر عند "سِيدي رويفع" بمدينة البيضاء. وطلب أن يتم توقيع الاتفاق في بنغازي بحجة أنها عاصمة الولاية. كان سي عمر يدرك أن المقصود من اختيار بنغازي لتوقيع الاتفاق هو ضمان عدم حضوره. فهولا يأمن على سلامته وسلامة رفاقه في بنغازي. فالاجتماعات السابقة التي عقدها مع الطليان كان تتم في مناطق نفوذ المجاهدين. وهنا عرض سيشلياني على سي عمر أن يُفوض الحسن الرضا للتوقيع على الاتفاق إذا كان لايريد أن يحضر بنفسه إلى بنغازي. ووافق سِيدي عمر على تفويض الحسن بالتوقيع على أساس الشروط التي عرضها المجاهدين في "اجتماع سيدي رحومة".

بعد عودة سيشلياني والحسن الرضا من مقابلة سِيدي عمر، في "رويفع الإنصاري" إلى بنغازي،وإطلاع بادوليو على نتائج الاجتماع،أجرى الأخير اتفاقا سريا مع الحسن الرضا مخالفا لمطالب سي عمر. وأصدر بشأن ذلك منشورا يشوه، بالمخالفة والدس، الشروط المتفق عليه مع سي عمر، تم توزيعه على أعيان بنغازي وشيوخ القبائل لتلاوته على السكان. وجاء في منشور بادوليو الذي يمتح من أحابيل وأخاديع الخطاب الكولونيالي المعهودة:

يا أهالي برقة،

إني أحمد الله سبحانه وتعالى الذي هدى لطريق الصواب أولئك الذين كانوا عنا خارجين، وأنار بصيرتهم لإدراك معنى ما أقصد إجراءه من الأعمال لمنفعتكم ولخير هذه البلاد التي بينتها بندائي السابق. وبما أن حسن التفاهم قد حصل مع تبادل الثقة التامة بإخلاص وحسن نية بيننا وبينهم، بعد أن فهموا وقدروا نوايانا هذه حق قدرها. فها قد وصلتم وإياهم للغاية المنشودة اليوم 13 يونيو سنة 1929 م الموافق 5 محرم سنة 1348 هـ. فتذكروا إذن وعلى الدوام هذا اليوم التاريخي الذي افتتحت به برقة عصراً جديداً حيث استتب السلم، ووضعت الحرب أوزارها، وأصبحتم منذ اليوم بحسب نوايانا الحكومية الخالصة آمنين على أرواحكم وعائلاتكم وحيوانتكم وكل ما ملكت أيديكم، فرحين ومبتهجين بالمهتدين الذين عادوا اليوم الينا آمنين، مصافحين طائعين، راغبين الحياة تحت ظل حكومة ايطاليا العظمى، معترفين جهاراً بأن لا حكومة غيرها في هذا الوطن، واثقين بما سينالهم ـ رحمة منها وعدلاً ـ من العفو التام عما سبق وارتكبوه في الماضي من الجرائم السياسية. إنني واثق مثلكم بأن كافة اخوانكم أبناء هذا الوطن المهاجرين خارجاً عنه سيعودون متى يبلغهم هذا السلم آمنين طائعين، وبذا يضم هذا الوطن لأحضانه أبناءه الأعزاء البعيدين. وقياما بما وعدتكم به سابقاً، واحتفالاً بأُبّهة ذكرى هذا اليوم أُبلغكم بأنني أمرت اليوم بالإفراج عن كافة الذين حكم عليهم بالنفي، وأعدكم بالإلتجاء لصاحب الجلالة الملك ويتوريو عمانوئيل الثالث المنصور كي يمنح من لدنه عفوه الملوكي عن المحكومين الآخرين لأسباب سياسية الذين يستحقونه. وبهذا يصبح منسيّا كل ما وقع في الماضي،لاعتباري كل فرد رعية لأم الوطن إيطاليا طائعاً ممتثلاً لقوانين الحكومة.

أكرر لكم القول مرة أخرى بأنني سأداوم كالسابق على احترام الديانة الإسلامية والزوايا وأملاكها وحقوق العائلة السنوسية. وسأحافظ على كرامة أبناء البيوت القديمة النبيلة، كما سأحافظ أيضاً على ما يتمتع به من النعم أولئك المشايخ والأعيان الحديثين الذين ترقوا للمشيخة باستحقاق خاص مقابل الخدمات التي أدوها للحكومة والوطن. هذا هو قولي. وهذه ستكون أفعالي. فهلّم معي لعمل ما فيه تحقيق الآمال. بنغازي في 19 يونيو سنة 1929
والي ليبيا
مارشال ايطاليا...."

وبتوجيه من الطليان سافر الحسن الرضا إلى الجبل الأخضر لملاقاة سي عمر.اجتمع الصبي المراهق بشيخ المجاهدين،في المكان نفسه،بالقرب من "سِيدي رويفع الانصاري". وفي هذا الاجتماع عرض الحسن الرضا على سِيدي عمر بنود الاتفاق الذي وقع عليه مع الطليان،مخالفا الشروط التي طرحها المجاهدين في اجتماع "سِيدي إرحومة". وكان واضحا من بنود الاتفاق الذي وقعه الحسن بن الرضا السنوسي أنه صك استسلام مشين.فهو ينص على:

1-- تعتبر الحكومة الإيطالية عساكر عمر المختار دورية وطنية.
2-- تقيم عساكر عمر المختار بنقطة جردس العبيد.
3-- تعترف الحكومة برتب الضباط وتصرف لهم شهريات هم وعساكرهم.
4-- يكون جميع ضباط وعساكر عمر المختار تحت أمر ضابط ايطالي.
5-- يكون للحكومة الايطالية الحق في نقل عساكر عمر المختار لأي جهة شاءت.
6-- يكون للحكومة الحق في تغيير السلاح الذي بأيدي عساكر عمر المختار بأي سلاح شاءت.
7-- يكون للحكومة الحق في تسريح بعض عساكر عمر المختار إذا رأت ذلك.
8-- يكون للحكومة الحق في معاقبة من ارتكب جريمة قبل هذا الصلح من عساكر عمر المختار وليس لعمر المختار حق الاعتراض على ذلك.
9-- يكون للحكومة الحق في رفض الضباط الذين لا يعرفون اللغة الإيطالية.
10-- تتولى الحكومة أمر العرب الذين تحت عمر المختار الآن على ألا تكون لعمر المختار أي سيطرة عليهم.
11-- تتعهد الحكومة الإيطالية للسيد حسن السنوسي بمعاش قدره خمسون ألف فرنك في الشهر وتبني له قصراً في مدينة بنغازي.
12-- تتعهّد الحكومة الايطالية لعمر المختار بمعاش قدره خمسون ألف فرنك في الشهر وتصلح له زاوية القصور وتبني له فيها مسجداً ومئذنة وبيتاً يليق بمقامه وتأتي له بمعلمين يعلمون الأولاد ولا تمنع الأهالي الإتصال به..."

وبعدما أطلع سِيدي عمر على بنود الاتفاق، قال لحسن الرضا بأسى:"غروك يا ابني بمتاع الدنيا الفاني ورضيت بهذه الشروط المزرية!!". فرد الحسن محتجا في انفعال مراهق:" لقد اتفقت مع الحكومة على هذه الشروط ولا يمكنني أن أنقضها."

كان ذلك الصبي السنوسي يتصرف على أساس أن شيخ المجاهدين مجرد تابع له، بحسبانه ينوب عن أبيه محمد الرضا الوكيل العام للطريقة السنوسية. وقد أدرك سي عمر أدرك ألا جدوى من مناقشته أو محاولة رده عما أقدم عليه. فجمع شيوخ القبائل وقرأ عليهم بنود الاتفاق الذي وقعه الحسن الرضا. ثم قال في الجمع: "إني لا أرضى بهذه الشروط وأفضل الموت جوعاً وعطشاً ولا ألقي بنفسي وإخواني بين أيدي الإيطاليين يتصرفون فينا كيف شاؤوا. وطلب اليهم أن يصرحوا إن كانوا راضين بها أو غير راضين. فقالوا لا نرضى بشرط من هذه الشروط." فقال الحسن: "لا بد من قبولها." فقال له الشيخ الشريف القاسم العبيدي: "انك لست خالقاً بل أنت مخلوق مثلنا، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق." وعندها قام الحسن السنوسي غاضباً وقال: ليقم معي كل من يريد أن يتبعني. فقام معه ما يقارب ثلاثمائة رجل، ونزلوا على بئر على مسافة ساعتين من النقطة الإيطالية بمراوة، وعين معه الطليان ميلاكري. ومن هذا الوقت انقطعت العلاقة بين السيد عمر والحسن ابن الرضا."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:30 pm

9



بعد انشقاق الحسن الرضا، ومعه حوالي ثلاثمئة من أتباعه المسلحين، من قبلتي البراعصة والدرسة، عن الحركة الوطنية، ودخولهم في طاعة الطليان، تخلي سي عمر عن صفة نائب الوكيل العام وأصبح يوقع باسم قائد القوات الوطنية، وهي التسمية الموضوعية لدوره التاريخي المركزي في قيادة حركة الجهاد الوطني، دون أن يخل ذلك بإنتمائه للطريقة السنوسية وإعترافه بزعيمها ادريس السنوسي، المقيم في المهجر المصري.

لم يكن سِيدي عمر ساذجا في تفاوضه مع الطليان. كان يأخذهم بالحيطة والحذر، متمسكاً بشروطه للصلح والهدنة. وقد بعث برسالة احتجاج إلى الجنرال سيشلياني، نائب الحاكم العام، يوم 25 سبتمبر 1929، على ما تقوم به السلطة الاستعمارية من مناورات ومؤامرات لشق الصف الوطني: "لقد ذكرتم في أثناء في أثناء هذه المباحثات أن غرضكم الوحيد منها لم يكن سوى العمل على تهدئة الوطن، ثم وعدتم بوقف الأعمال العدائية، وقد صدقنا نحن ذلك، ولكنه سرعان ما تبين أن عمال الحكومة ورؤساء المفاوضات ـ وكان المختار يقصد الشارف الغريلني وزملاءه الضالعين مع إيطاليا ـ يريدون الآن أن يوجدوا سوء التفاهم بيننا وبين السيد الحسن بمعاونة أحد مستشاريكم الذي يقوم بتوزيع الأغذية والأموال بين المجاهدين.." فرد عليه الجنرال سيشلياني برسالة متغطرسة، يعلن فيها رفض الحكومة الاستعمارية الالتزام بتعهداتها السابقة، ويبلغه استعداده لمقابلته والتباحث معه حول إبرام اتفاق جديد. ومن الواضح أن سِيدي عمر أراد من مراسلته كبار مسؤولي الحكومة الإيطالية، في سياق خطواته التي ستتبع، أن يوثق مواقف الحركة الوطنية الواضحة مقابل مواقف الحكومة الإيطالية المخاتلة بشأن عملية الصلح. فبعد رسالته إلى الجنرال سيشلياني، بعث برسالة ثانية، في 9 أكتوبر 1929، إلى حاكم المستعمرة العام المارشال بادوليو، ينذره فيها أنه إذا لم توقف الحكومة الإيطالية أعمالها المخالفة لتعهداتها فإنه سوف لن يكون مسؤولا عن كل ما يحدث بعد يوم 24 من الشهر نفسه وإذ لم يتلق سِيدي عمر أي رد من الحكومة الإيطالية خلال نحو عشرة أيام، وفيما الهدنة بتعبيره "توشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة"، قرر الإعلان عن موقف الحركة الوطنية في بيان موجَّه للرأي العام العربي والإسلامي، نشرته صحيفتا الأخبار والمقطم المصريتين بتاريخ 20 أكتوبر 1929. جاء فيه:


"في أوائل عام 1348 أي حوالي منتصف عام 1929 دعتني الحكومة الإيطالية عن طريق ممثلها الحاكم العام الماريشال بادوليو إلي إيقاف الحرب ولتقديم طلباتنا ولتحديد مكان للقاء صاحب السعادة, ولقد حدث ذالك وإلتقينا في سيدي رحومة ووافقنا علي عمل هدنة حربية مدتها شهران حتى يتسنى لكل منا أن يكون علي إتصال برؤسائه, وأثناء اللقاء طلب إلي الماريشال بادوليو أن أقدم له طلباتنا وقال لي إنه كان مستعدا لإعادة زعيمنا السيد محمد إدريس السنوسي إلي برقة إذا ماكنا رغبنا في ذالك.

وكان من بين شروط الهدنة التي قدمناها الشروط التالية:
• العفو العام عن جميع المدانين بجرائم سياسية سواء كانوا موجودين داخل البلاد أم خارجها وإطلاق سراح المسجونين لأسباب سياسية.
• سحب جميع الحاميات التي أقيمت أثناء حرب عام 1341 (1922-1923) بما فيها تلك الحاميات الموجودة في جغبوب وجالو.
• إعطائي الحق جباية العشور الشرعية من العرب المقيمين حول الحاميات الإيطالية علي الشواطئ.
• مدة الهدنة شهران قابلان للتجديد.
ولقد قبل صاحب السعادة الماريشال بادوليو هذه الشروط ووعد بتطبيقها، وقبل انتهاء مدة الشهرين أخبرت صاحب السعادة الحاكم العام عن طريق نائبه الكاڤاليري «سيتشيلياني» بأن جميع الوجهاء الوطنيين كانوا متفقين علي اختيار زعيمنا السيد محمد إدريس السنوسي لكي يقوم بتعيين بعض الأشخاص اللائقين من بين مواليد برقة وطرابلس الغرب للتفاوض مع الحكومة الإيطالية بشأن مطالب برقة وطرابلس الغرب وطلبنا – بجانب ذالك – إلي الحكومة أن تتصل علي الفور بالأمير السيد محمد إدريس السنوسي لإتخاذ الوسائل الكفيلة بوضع حد للحالة الراهنة بأفضل السبل ولقد وعدني صاحب السعادة وعوداً طيبة, وقبل نهاية الشهرين طلبوا إلي تجديد الهدنة وأوردوا سببا لذلك هو إن الحاكم العام كان قد سافر إلي روما لعرض المشكلة علي الحكومة وأنه لم يكن عاد بعد، وبهذه الكيفية جرى مد أجل الهدنة فترة عشرة أو عشرين يوماً حتى الثالث من جمادى الأول عام 1348 وعندئذ أدركت أن هدف الحكومة كان مجرد كسب للوقت ولذلك أبلغت الحكومة عن طريق نائب الحاكم بأن الهدنة كان يمكن أن تنتهي في اليوم العشرين من جمادى الأولى عام 1348 الموافق الرابع والعشرين من أكتوبر عام 1929 وبأنها ما كان لها أن تتجدد, فالهدنة الآن توشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة ولم أتلق أي رد من الحكومة الإيطالية بشأن نيتها الاتصال بأميرنا السيد محمد إدريس السنوسي, ولذا أرى استئناف الحرب وعدم اعتبار لأية محادثات ولأي وسيط حتى وإن كان هذا من العائلة السنوسية اللهم إِلاَّ إذا تم إصطفاؤه نتيجة لثقة الأمة، علي أنني لا أفهم لماذا تتقاعس الحكومة الإيطالية عن الإتصال بالزعيم المذكور برغم علمها جيد العلم أن الحل والربط في يده وأنها إذا عمدت حقاَ إلي إدراك السلام فإنها لن تتردد لحظة واحدة في الإتصال به، ليكن في علم كل محارب إذن أن هدف الحكومة الإيطالية الوحيد هو إشعال الخلافات والدسائس فيما بيننا لتدمير كتلتنا وتفتيت وحدتنا ولإمكان قهرنا بسهوله وانتزاع كل حق من حقوقنا الشرعية علي غرار ما حدث مرات كثيرة، لكن حمداً لله لأنها لم تنجح في أي شيء من هذا، ليشهد العالم كله أن نوايانا تجاه الحكومة الإيطالية نبيلة وأنه ليس لدينا هدف آخر سوى المطالبة بحريتنا وأن أهداف إيطاليا تتجه إلي قمع كل حركة وطنية ترمي إلي يقظة شعب طرابلس وتقدمه، ومع ذلك نحن لا نستطيع أن نقول إن كل الشعب الإيطالي يوافق على فكرة الحرب لاسيما في وقت الذي تتبسط فيه الدول الأخرى مع الشعوب الشرقية وعلي العكس فهناك من يجنحون إلي السلم وهؤلاء يضعون مصلحة بلادهم في الاعتبار الواجب أن يكون ويعلمون ماهية الخراب والدمار والخسائر التي تجلبها الحرب كما أنه يوجد أيضاً بعض أفراد قلائل يريدون تدمير شعب طرابلس بأية وسيلة، لا يسمح الله أن يدرك هؤلاء الأخيرين مأربهم ويحققوا هدفهم، ولا توجد أمة لا تعرف أنه في سبيل تحقيق الحرية ينبغي بذل كل الجهود سواء أكانت بسيطة أم مضنية، نحن الآن ندافع عن وجودنا ونبذل دماءنا من أجل إفتداء الوطن وإدراك الأهداف التي نقصدها، ولذلك لسنا مسئولين عن استمرار هذه الأحوال إلي أن يتوب أولئك الأفراد الذين يعمدون إلي إستعمال العنف ضدنا ويهتدوا سواء السبيل ويستعملوا معنا الإخلاص والولاء بدلا من الإحتيال والتملق والرياء.

16 جمادى الأولى 1348 (20 أكتوبر 1929) .
قائد القوات الوطنية عمر المختار.."



وقد رأى الجنرال غراتسياني في البيان إعلان حرب لا هوادة فيها. وهو كان كذلك، كما قصد به سِيدي عمر، بمعنى: "استئناف الحرب وعدم اعتبار لأية محادثات ولأي وسيط حتى وإن كان هذا من العائلة السنوسية اللهم إِلاَّ إذا تم إصطفاؤه نتيجة لثقة الأمة.." وأحدث نشره، حسب الباحث وهبي البوري المطلع على وثائق وزارة الخارجية الإيطالية المحفوظة: "هزة في روما وغضبا بسبب الأوضاع المتردية في ليبيا والتي يبدو أن بادوليو عاجز عن حلها.... وكان بادوليو يحاول إقناع المسؤولين في روما بأن الأمور سائرة على مايرام وأرسل يوم 16/11/1929م برقية إلى وزير المستعمرات جاء فيها: لا أدري ما هي الأكاذيب الأخرى التي يخترعها عمر المختار لاتهام الحكومة بأنها لم تف بكلمتها وأنكم تعلمون أن خيال المشايخ العرب واسع عندما يتعلق الأمر بإخفاء الحقائق ولا يجب العدو ورائهم وإنما ضربهم بقوة.. فإذا ظلت حركة عمر المختار معزولة فيكون من السهل القضاء عليها ، إن ثلثي الثوار سيكونون جانبنا، إن الوضع لا يثير أي قلق وسنتغلب عليه في وقت قصير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:31 pm

10





تلقفت السلطة الاستعمارية الحسن الرضا ورجاله الثلاثمائة <بعد انشقاقهم عن حركة الجهاد> وشكلت منهم مليشيا عسكرية، وظيفتها القيام بدوريات الحراسة واستطلاع تحركات المجاهدين. وقد صرفت لهم مرتبات وجهّزتهم بالأسلحة وموّنتهم بالدقيق، حتى صار معسكرهم يُعرف بـ"دور الدقيق" نسبة إلى دقيق القمح الذي كان الطليان يقدمونه لهم بكميات كبيرة، في الوقت الذي يعيش فيه المجاهدون والأهالي على شفير المجاعة. لكن ذلك "الدور" العميل لم يستمر سوى أشهر. إذ انشق حوالي مائتين مسلح عنه، بعدما حرّضهم المجاهدون على ترك "دور الدقيق" والانضمام إلى حركة الجهاد. وكشفوا لهم حقيقة الحسن: "وتصرفاته المزرية وسمسرته برؤسائهم وإبعاده لهم عن إخوانهم المجاهدين. وبدأت سلطة الحسن في التضاؤل من جراء تأثيرات عمر المختار على النفوس ودعوته للحسن لكي يقلع عن تبعيته للحكومة الإيطالية ويرجع إلى الجهاد..."

وبسبب الانشقاق الكبير الذي أحدثه المجاهدون في صفوف العملاء، قررت السلطات الإيطالية حل "الدور". أما القلة الذين تبقوا مع الحسن الرضا ورفضوا تسليم أسلحتهم، فقد قامت قوات الاحتلال بمهاجمتهم ونزع أسلحتهم بالقوة،بعدما قتلت العشرات منهم وسجنت من تمكنت من القبض عليه. وعندما ذهب الحسن الرضا يشكو وضعه إلى الضابط المسؤول عنه، أنزله من السيارة المهدأة له، وأركبه بغلا إلى السجن. ثم نُفي إلى جزيرة اوستيكا الإيطالية. ونُقل بعدها إلى مدينة فلورنسه، التي بقى فيها حتى مات العام 1936. ولما لم يتلق سِيدي عمر ردا من الحاكم العام على رسالته التي أنذره فيها أنه بعد 24 أكتوبر 1929 إذا لم توقف السلطة الاستعمارية مخالفاتها لاتفاق الهدنة لن يكون مسؤولا عن كل ما يحدث بعد هذه التاريخ. وعليه أمر، في نوفمبر 1929، باسئناف عمليات الجهاد ضد جيوش الاحتلال والمستوطنين في كل مكان من برقة، وبكل شدة ممكنة وبوتيرة متواصلة. وقد شارك سِيدي عمر في الكثير من تلك المعارك. وكان يقول لرجاله، حسبما سمع غراتسياني بذلك: "إذا سمعتم زئير أسد من بنغازي <يقصد المستعمر الإيطالي> إلى قلب الجبل فلا تخافوا، سوف تحقق لكم الأيام مرة أخرى أنه تحت جلد الأسد حمار." وكاد سِيدي عمر يقع أسيراً في أحد المعارك، وهي معركة "وادي السانية"، لما أُصيب جواده فسقط عنه، لتسقط منه نظارته الطبية دون أن ينتبه لها. فأُعطى حصان من أحد المجاهدين، الذي ركب مع رفيق آخر. وعندما أحضروا النظارات إلى غراتسياني، أخرجها من محفظتها الفضية وتأمل إطارها الذهبي، قائلاً: "الآن تحصلنا على النظارات، وسيأتي اليوم الذي نتحصل فيه عليه."

وأمام ضربات المجاهدين المتصاعدة، كلف الحاكم العام، في صف 1930، نائبه في ولاية برقة، الجنرال غراتسياني، بتجهيز حملة عسكرية ضخمة لاحتلال واحات الكفرة، التي أصبحت قاعدة استراتيجية لانطلاق الهجمات الجهادية على مواقع قوات الاحتلال وتحركاتها في المناطق الجنوبية. كما كانت قاعدة الامتدادات الرئيسة من جهة مصر عبر واحة الفرافرة المصرية الحدودية،بعد احتلال الجغبوب. كانت واحة الكفرة بتعبير غراتسياني: "الأسطورة التي لا تقهر،ولا يمكن لأحد أن يجتاز ذلك المخبأ هو الكفرة." ولاحتلالها قاد الجنرال الفاشيستي حملة عسكرية واسعة النطاق،عدة وعتادا. إذ تكونت القوات الغازية من فرقتين تضم آلاف الجنود والضباط وضباط الصف، مجهزين بأحدث أسلحة العصر: ثلاثمائة وثمانية وعشرون آلية ناقلة للجنود، وعشرات المدرعات والعربات المصفحة، وعشرون طائرة حربية للاستطلاع وإلقاء القنابل، علاوة على نحو ستة آلاف جمل لنقل المؤن إلى جانب سيارات الشحن الكبيرة، وقافلة خاصة بنقل نحو نصف مليون ليتر ماء.

انطلقت الحملة من ثلاثة محاور. من طرابلس في الغرب وبنغازي في الشرق وإجدابيا في الوسط، في اتجاه الكفرة، الواقعة على بعد أكثر من ألفين كيلومتر. ومقابل تلك القوة العسكرية الهائلة كانت قوة المجاهدين تضم بضع مئات <حوالي ستمائة مقاتل> مسلحين ببنادق قديمة وبضعة مدافع رشاش ومدافع ميدان من عيار صغير. لكن قوة المقاومة الصغيرة تلك مثلت لغراتسياني قوة مخيفة، لأن رجالها لا يهابون الموت، إلى حد أنهم يُعقِّلون أرجلهم كجمال الباركة كي لا يفكر أحدهم في الفرّ من ميدان المعركة، مكبّرين لله ومنشدين: "مرحب بالجنة جت تدنا". ويعترف غراتسياني، رغم غروره وغطرسته، بأن المجاهدين "قابلوا قواتنا الكبيرة بكل عددها وعتادها من دبابات وطائرات، في معركة غير متكافئة، ورغم هذا كله كانوا أشداء أقوياء، صامدين صابرين، لا يتقهقرون أبداً حتى لو أدى ذلك إلى فنائهم جمعيا، مؤمنين بأنهم أصحاب حق."

وبهذه الروح الجهادية الأسطورية واجهوا القوات الغازية وكبّدوها خسائر فادحة، باعترف غراتسياني، الذي وصف، في مذكراته، كيف أن: "شجاعة الثوار واستماتتهم في الدفاع، ضغطت على الجناح الأيمن وأرغمته على التقهقر. وبعد أن كانت قواتنا مهاجمة أصبحت منهزمة. وبينما نحن في هذه الحالة وصلت القوات الطرابلسية التي أخذت علما بالهزيمة من طريق الطيران..."

وربما كان يمكن للمجاهدين تضخيم خسائر الطليان بشكل كبير، يؤدي إلى إفشال الحملة وردها على أعقابها، إلا أنه لم يكن بمقدورهم فعل شيء يُذكر ضد هجمات الطائرات المتواصلة، بقنابلها التي تدمر المباني البسيطة المبنية من الطين، ومدافعها الرشاشة التي تحصد أرواح الناس برصاصها المصبوب من علوٍ. لقد كانت خطة غراتسياني تقضي بقصف واحات الكفرة بالطائرات، وضرب مواقع المجاهدين خارج الواحة، وقتل أكبر عدد ممكن من الأهالي داخلها، لإحداث حالة من الصدمة والترويع، تجبر سكان الواحة والمدافعين عنها على الخروج إلى عراء الصحراء، فيسهل الإجهاز عليهم. وقد اعترف غراتسياني بقصف سكان "الكفرة" من الجو، وملاحقة المنسحبين من الواحة: "وإلقاء القنابل عليهم ومطاردتهم إلى أن يفنوا جميعاً."

وبعدما دخل واحة الكفرة الكبرى كأنه "فاتح" روماني أباحها لأجناده على طريقة الغزاة الهمجيين، لمدة ثلاثة أيام. فعاثوا فيها نهباً وخراباً وقتلاً واغتصابا. نهبوا مواد الغذاء والحيوانات وحلي النساء. واتخذوا من الجامع حانة لمعاقرة الخمر. واستخدموا مصاحف القران وغيرها من المخطوطات وقودا لنار الطهو. وعندما جاء وفد من المشايخ القبليين وشيوخ الدين إلى قائد القوة التي سيطرت على الواحة، طالبين منه في رجاء إيقاف جنده عن استباحة دماء الأهالي وأعراضهم وممتلكاتهم، أمر بإعدامهم رمياً بالرصاص. كما أمر الجنرال غراتسياني بإعدام الأسرى من المجاهدين.وكذلك من المدنيين: "200 تقريبا بين نساء وأطفال... وحيوانات"

كان الجنرال الفاشيستي أدولفو غراسياني مهووسا بأمجاده العسكرية كي يحفظها له التاريخ.إذ عنت له عملية احتلال الكفرة سبق تاريخي، باعتبارها حسب تقديره: "أكبر عملية حربية صحرواية،لم يسبق لها مثيل،ولم تطبق من قبل...(و) إن العمليات الحربية التي أجريت من أجل احتلال الجغبوب والحمادة الحمراء والكفرة نفسها تعطي لنا المكان الأول دون جدال في الحروب الصحراوية..."
كان احتلال واحة الكفرة ضربة قاسية جداً لحركة الجهاد. وباحتلالها خسر المجاهدون في الجبل الأخضر أهم قواعدهم الخلفية الحصينة ومركز امتدادتهم في عمق الصحراء، في الوقت الذي باشرت فيه السلطة الاستعمارية مدّ حاجزاً من الأسلاك الشائكة الضخمة بطول الحدود مع مصر لمسافة ثلاثمائة كيلو متر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:32 pm


11



من أهم الشهادات التاريخية الموثقة عن شخصية سِيدي عمر ومواقفه، ما رواه محمد أسد، في كتابه "الطريق إلى مكة" <وفي ترجمة أخرى "الطريق إلى الإسلام">، في فصل خاص بعنوان "جهاد"، تناول فيه تفاصيل رحلته من الحجاز إلى ليبيا، لملاقاة سِيدي عمر في الجبل الأخضر، حاملا رسالة من السيد أحمد الشريف، يقترح فيها خطة لدعم المقاومة الجهادية وتقويتها.

محمد أسد، كما هو معروف، كاتب صحفي ورحالة ومفكر إسلامي - نمساوي الأصل - وُلد لوالدين يهوديين العام 1900. كان اسمه ليوبولد فايس. درس الفن والفلسفة، وعمل في الصحافة بعد تخرجه الجامعي. في العام 1922 اشتغل مراسلا صحفيا لأحد أشهر الصحف الآلمانية في فلسطين. وهناك تعرف على الحركة الصهيونية الناشئة. لكنه رفضها وأنتقدها في تقاريره الصحفية. تنقل بين عمان ودمشق وبيروت لغرض إعداد كتابه الأول عن العرب والمسلمين بعنوان: "مشرق مجرد من الرومنطقية"، المنشور عام 1924. ربطته علاقة صداقة بعبد الله بن الشريف الحسين، قبل أن يصير ملكا على شرق الأردن. في العام 1926 اعتنق الإسلام وسمى نفسه محمد أسد. وأشهرت زوجته (إليسا) إسلامها بعده باسبوعين. وفي العام التالي قصدا الأراضي المقدسة للحج ومعهما ابنهما الذي صار يُسمى أحمد. توفيت زوجته بعد أداء مناسك الحج ودُفنت هناك. تعرف على الأمير فيصل بن عبد العزيز ثم على الملك عبد العزيز ابن سعود، الذي عينه مستشاراً لديه. فتفرغ لمشروعه الفكري الضخم في الكتابة عن الإسلام وأحوال المسلمين. وفي مكة ربطته علاقة شخصية وروحية بالإمام السنوسي السيد أحمد الشريف، الذي قال عنه: "ليس في الجزيرة العربية كلها شخص أحببته كما أحببت السيد أحمد. ذلك أنه ما من رجل ضحى بنفسه تضحية كاملة مجردة عن كل غاية في سبيل مثل أعلى، كما فعل هو. لقد وقف حياته كلها، عالما ومحاربا، على بعث المجتمع الإسلامي بعثا روحيا، وعلى نضاله في سبيل الاستقلال السياسي، ذلك أنه كان يعرف جيدا أن الواحد لا يمكن أن يتحقق من دون الآخر."

ويروي أنه في خريف العام 1930 كان يتردد على مجلس الإمام السنوسي السيد أحمد الشريف ومعه الشيخ محمد الزوي، يناقشون لساعات أوضاع الجهاد الصعبة في برقة. فأتضح لديهم، من المناقشات، أن المجاهدين لن يستطيعوا الصمود والاستمرار في مقاومة القوة الفاشستية الباطشة ما لم يُنجدوا بصورة فعّالة وسريعة.

كان محمد أسد مطلعا جيدا على وضع حركة الجهاد، ولديه تقدير دقيق للموقف في برقة. حيث سيطر الطليان على المدن الساحلية، في أواخر العام 1930. وقد تناقص مجموع المجاهدين الذين يقودهم سِيدي عمر إلى ما دون الألف، يتحركون في رقعة جغرافية صغيرة تضيق حولهم داخل الجبل الأخضر، المطوق بأعداد هائلة من الجنود المشاة وقوة نارية مدفعية ضخمة وعربات رشاشة مدرعة وطائرات استطلاع وقصف. علاوة على بدء العمل في إقامة إسلاك شائكة على طول الحدود مع مصر، والمباشرة في عمليات حشر الأهالي في معسكرات الاعتقال الجماعي، وذلك كي بستحيل على المجاهدين المطوقين في الجبل الأخضر الحصول على الدعم والمساعدات، سواء من جهة الأهالي في الداخل أو من جهة المهاجرين في مصر. وكانت الاستعدادت العسكرية الإيطالية جارية لاحتلال الكفرة في أواخر العام 1930، بينما كان محمد أسد يناقش مع السيد أحمد الشريف والشيخ محمد الزوي، على مدى أسبوع، السبل العملية لدعم المجاهدين. وقد رأى الشيخ الزوي بخبرته الواسعة في الحرب الجهادية مع السيد الشريف، أن دعم المجاهدين من الخارج فعاليته مؤقتة. وقدم تصوراً استراتيجيا ثاقبا لتفعيل حركة الجهاد بشكل فعاّل ومستمر. أساسه أن تكون واحة الكفرة قاعدة المقاومة، لكونها: "ما تزال أبعد من متناول الجيوش الإيطالية. وفوق ذلك فقد كانت تقع على طريق القوافل (ولو كان طويلاً وشاقاً) إلى واحتي بحرية والفرافرة المصريتين، ولذا كان يمكن تموينها بصورة فعالة أكثر من أي نقطة أخرى في البلاد. كذلك كان بالإمكان أن تُجعل مركز لاستجماع آلاف كثيرة من اللاجئين من برقة الذين كانوا يعيشون في المخيمات في مصر، فتشكل بهذا مستودعاً دائما من الرجال لإمداد قوات عمر المختار في الشمال. ولو أن الكفرة حُصنت وزودت بالأسلحة الحديثة، إذن لاستطاعت أن تصد هجمات المدافع الرشاشة من الطائرات على ارتفاع منخفض، في حين أن إلقاء القنابل من علو شاهق لا يشكل خطراً حقيقياً على السكان المتباعدين."

لم يكن اهتمام محمد أسد بالحركة السنوسية ناشئا، كما يقول عن إعجابه البالغ بالمقاومة البطولية التي يخوضها المجاهدون بقيادة سِيدي عمر فحسب، وإنما كان مهتما أكثر بما قد "يحدثه انتصار السنوسيين من تأثير على العالم العربي بأكمله، إذ إنني لم أستطع أن أرى في العالم الإسلامي كله إلا حركة واحدة كانت تسعى صادقة إلى تحقيق المجتمع الإسلامي المثالي: الحركة السنوسية، التي كانت تحارب الآن معركتها الأخيرة في سبيل الحياة. وبسبب من أن السيد أحمد كان يعرف مبلغ عطفي شديد على القضية السنوسية، فقد التفت إليّ وسدد نظرة إلى عيني وسألني قائلا: هل تذهب، يا محمد، إلى برقة بالنيابة عنا، فتقف على ما يمكن صنعه للمجاهدين. لعلك تستطيع أن ترى الأمور بأجلى مما يراها بنو قومي." فوافق على الفور. فجاء السيد أحمد الشريف بمصحف ملفوف في قطعة حرير. وضعه على ركبتيه وطلب من محمد أسد أن يقسم وراءه: "أقسم يا محمد بالله الذي يعلم ما في القلوب على أنك سوف تكون أمينا للمجاهدين". يقول أسد: "وأقسمت. ولم أشعر في حياتي يوما أنني كنت أكثر وثوقا بوعدي مما كنتُ في تلك اللحظة."

ومن الأراضي المقدسة أرتحل محمد أسد، ومعه مرافق (دليل)، في طريقه إلى عمر المختار، الذي يسميه أسد الجبل الأخضر. وطوال مدة الرحلة الشاقة، التي استغرقت شهرين، استخدم محمد أسد ومرافقه، في سفرهما الطويل، الجمال والخيول والمراكب والقطار ولأقدام أيضا. وتعرضا لأخطار كثيرة يسردها في كتابه الشيق، حتى وصلا إلى الحدود المصرية الليبية، حيث تلقاهما دليلان ليبيان من المجاهدين، أرسلهما سِيدي عمر خصيصا لاستقبالهما وإيصالهما سالمين إلى مقر قيادة المجاهدين في أحراش الجبل الأخضر. وبعد مسيرة ثلاث ليال وصلوا إلى نواحي الجبل العظيم، الممتد لأكثر من مائتي كيلومتر. فبدلوا الجمال بالخيول التي تلائم بيئة الجبل الوعرة. وبعد مسيرة أربع ليال أخرى: "وصلنا إلى وادي الثعبان - وقد سمى بذلك عن حق - حيث كان علينا أن نجتمع بعمر المختار. وبعد أن أختبأنا في وادي صغير تكتنفه الاشجار الكثيفة، وعقلنا خيولنا تحت بعض الصخور، جلسنا ننتظر مجيء أسد الجبل الأخضر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
روح الفريد
المديره
المديره
روح الفريد


عدد المساهمات : 2401
تاريخ التسجيل : 22/03/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالخميس مارس 25, 2010 8:33 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

12



لبث محمد أسد، ومرافقوه في دغل كثيف بوادي الثعبان، في عتمة الليل، لساعات، في انتظار مجيء سِيدي عمر. سمعوا ما يشبه عواء ابن آوى قريب. وضع أحدهم يده حول فمه وقلد العواء نفسه. ثم ما لبث أن ظهر من وراء الأجمة رجلان مسلحان، حافيا القدمين وملتحفين بجردين باليين. ألقى أحدهما بكلمة السر: "في سبيل الله" فجاوبه أحد مرافقي محمد أسد: "لا حول ولا قوة إلا بالله". وعندها تصافحوا بحرارة.

كان المجاهدان، حافيا القدمين، يستطلعان الطريق أمام سِيدي عمر. و"بعد حوالي عشر دقائق سمعنا حفيف الأغصان مرة ثانية بين أدغال العرعر وبرز ثلاثة رجال، كل منهم من جهة، وأخذوا يقتربون منا وبنادقهم في إيديهم مصوبة إلينا. وبعدما أقتنعوا بأننا كنا فعلا من كانوا يتوقعون رؤيتهم، عادوا فاختفوا ثانية في الأجمة وفي جهات مختلفة أيضا، فقد كان واضحا أنهم كانوا ينوون حراسة زعيمهم والأشراف على زعامته. وما لبث عمر أن جاء على جواد صغير لُفت حوافره بالقماش. وكان يحيط به رجلان من كل جانب، ويتبعه عدد آخر. وعندما وصل إلى الصخور التي كنا ننتظر عندها، ساعده أحد رجاله على النزول، ورأيت أنه يمشي بصعوبة ـ عرفت بعدئذ أنه قد جُرح إبان إحدى المناوشات قبل ذلك بعشرة أيام تقريباً ـ. وعلى ضوء القمر المشرق أستطعت الآن أن أراه بوضوح: كان رجلاً معتدل القامة قوي البنية ذا لحية قصيرة بيضاء كالثلج تحيط بوجهه الكئيب ذي الخطوط العميقة. وكانت عيناه عميقتين، ومن الغضون المحيطة بهما كان باستطاعة المرء أن يعرف أنهما كانتا ضاحكتين براقتين في غير هذه الظروف، إلا أنهما لم يكن فيهما الآن شيء غير الظلمة والألم والشجاعة."

حدّث محمد أسد سِيدي عمر عن الخطة التي أعدها السيد أحمد الشريف بشأن جعل الكفرة قاعدة لإمداد حركة الجهاد بالسلاح والرجال والمؤن، وبشكل مستمر ودائم. و"لم أر في حياتي ابتسامة تدل على ذلك القدر من المرارة واليأس كتلك الابتسامة التي رافقت جواب سيدي عمر. وقد قال: لقد خسرنا الكفرة. فالإيطاليون قد احتلوها منذ أسبوعين تقريبا." وهكذا ما عاد لجهود السيد الشريف ومحمد أسد من جدوى عمليا. ويقول محمد أسد أن سِيدي عمر قرّبه إليه وقال: "إنك تستطيع أن ترى، يا ابني، إننا قد اقتربنا فعلا من أجلنا المقدر لنا". ثم أضاف كأنما يجيب عن السؤال الذي كانت تنطق به عيناي: "إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن. وليس لنا أن نختار غير ذلك...."

فأقترح عليه محمد أسد أن ينسحب ومجاهديه إلى مصر ما دام لا يزال التسلل ممكنا عبر الحدود. ومن هناك، في مصر، يستطيع أن يجند أعداد كبيرة من المهاجرين الليبيين، ويعد منهم قوة تحرير ذات قدرات قتالية فعّالة، ليعود بهم لمجاهدة الطليان من جديد. ورأى محمد أسد أن الإنجليز قد يغضون الطرف إذا ما أقنعهم سِيدي عمر أنهم لا يعتبرون أعداء لليبيين، وأن إيطاليا هي العدو المشترك. فرد عليه سِيدي عمر بتحليل سياسي دقيق للوضع العام، مبني على موقفه الوطني الأخلاقي، الذي يرفض التخلي عن شعبه في المرحلة العصيبة: "كلا يا ابني، لم يعد هذا يجدي الآن. إن ما تقوله كان ممكنا منذ خمسة عشر سنة أو ست عشرة سنة، قبل أن يقوم السيد أحمد الشريف، أطال الله عمره، بمهاجمة البريطانيين كي يساعد الأتراك ـ الذين لم يساعدونا. أما الآن فلم يعد في الأمر ما يجدي. إن البريطانيين لن يحركوا إصبعاً كي يسهلوا علينا أمرنا، والإيطاليون مصممون على أن يقاتلونا حتى النهاية، وعلى سحق كل إمكانية للمقاومة في المستقبل. فإذا ذهبتُ وأتباعي الآن إلى مصر، فإننا لن نتمكن مطلقا من العودة ثانية، وكيف نستطيع أن نتخلى عن قومنا ونتركهم ولا زعيم لهم، لأعداء الله يفترسونهم..". فيسأله محمد أسد "وما قول السيد إدريس؟! هل يشاركك الرأي يا سيدي عمر؟ّ!" يقول سِيدي عمر: "إن السيد إدريس رجل طيب. إنه ولد طيب لوالد عظيم، ولكن الله لم يعطه قلبا يمكنه من تحمل مثل هذا الصراع..."

لم تكن نظرة سِيدي عمر اليائسة تعني أنه غير قادر على فعل شيء، فقد ناقش مع محمد أسد سبيل تدبير وصول الذخائر والمؤن إلى المجاهدين بكميات أكبر وبصورة أكثر إنتظاماً. وكان يدرك بالتحليل الموضوعي الملموس لوقائع الأمور أن قضاء القوة الاستعمارية على حركة المقاومة، التي يقودها، اصبح محتوما. وكان ومن تبقى معه من رجال عارفين بأن "الشهادة" مقبلة. وهو، كما يقول المفكر الإسلامي محمد أسد، الذي نظر في عيني أسد الجبل مليا: "لم يكن يخشى الموت، ولم يسع إليه، ولكنه كذلك لم يحاول أن يتجنبه....

تناول محمد أسد مع سِيدي عمر ورجاله وجبة طعام من تمر ملفوف بقطعة من قماش. ثم نهض الأسد الجليل قائلا: "آن لنا أن نتحرك من هنا. إننا على مقربة من المركز الإيطالي في (بوصفية)، ولذا لا نستطيع أن نتأخر حتى الفجر". وفيما هم يركبون جيادهم، وبعض رجال سِيدي عمر يسيرون على الأقدام، مغادرين الوادي، لاحظ محمد أسد خروج المزيد من المجاهدين كظلال سوداء من وراء الصخور والأشجار، يتحركون بصمت كأنهم كشافة الهنود الحمر. وعند الفجر وصلوا إلى مركز الدور ـ المعسكر في مضيق داخل وادي عميق، يضم حوالي مئتي مجاهد مسلح. يتوزعون في العراء، حيث بعض النيران مشتعلة هنا وهناك. بعضهم القليل نائمون على الأرض، وغيرهم أما قائمون على الحراسة أو مشغولين بتنظيف أسلحتهم أو يعدون الطعام. أسمالهم بالية، وبعضهم جرحى مضمدون. وقد أندهش إذ رأى أمراتين بين كل هؤلاء الرجال "إحداهما مسنة والأخرى شابة.. كانتا جالستين بالقرب من إحدى النيران، مستغرقتين في إصلاح سرج ممزق بمخرز غليظ. وعندما لحظ سيدي عمر دهشتي قال: إن اختينا هاتين تذهبان معنا حيثما نذهب. لقد رفضتا أن تسعيا إلى أمن مصر مع سائر نسائنا وأولادنا. إنهما أم وابنتها، وقد قُتل جميع رجالهما في الحرب."

وبعد التجربة القصيرة الفذة، التي عاشها محمد أسد، خلال يومين وليلتين، عاد إلى الأراضي المقدسة، عبر طريق المخاطر الشاقة نفسها، تاركا وراءه شيخ الجهاد ولم يعد له سوى أقل من ثمانية أشهر في ملحمته الجهادية الأسطورية. وفي المدينة المنورة وقف كما يقول: "أمام إمام السنوسية <السيد أحمد الشريف> ونظرت إلى وجهه ـ هذا المحارب القديم المرهق. ومرة اخرى قبلت اليد التي حملت السيف طويلا جدا حتى أنها لم تعد تستطيع بعد أن تحمله.."

قال السيد أحمد الشريف: "لو أننا استطعنا فقط أن ننقذ عمر المختار. لو أننا تمكنا من إقناعه بالهرب إلى مصر بينما كان هناك متسع من الوقت.." فأجابه محمد أسد: "لم يكن باستطاعة أحد أن ينقذ سيدي عمر. إنه لم يرد أن يُنقذ. لقد فضل أن يموت إذا لم يستطع أن ينتصر. لقد عرفت ذلك عندما فارقته، يا سيدي أحمد". فأطرق السيد الشريف برأسه: "نعم، لقد عرفت ذلك أنا أيضا. أنا أيضاً عرفتُ ذلك. ولكن عرفته بعد فوات الأوان. يُخيل لي أحيانا أنني أخطأت عندما باليت بنداء استانبول ذاك، منذ سبع عشرة سنة. ألم يكن ذلك، ربما، بداية النهاية، لا بالنسبة إلى عمر فحسب، بل بالنسبة إلى السنوسيين جمعيا؟!. ولكن كيف يتسنى لي ن أفعل خلاف ذلك عندما سألني خليفة المسلمين المعونة؟! هل كنتُ محقاً أو كنت مجنوناً؟! ولكن، من غير الله يستطيع أن يقول عن الإنسان إنه محق أو مجنون إذا لبى نداء ضميره
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://alfarid1.ahlamountada.com
فرحة قلب
مشرف مميــز
مشرف مميــز
فرحة قلب


عدد المساهمات : 868
تاريخ التسجيل : 07/07/2010

سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان   سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان Emptyالسبت سبتمبر 18, 2010 2:11 am

سلمت .. وسلم لنا قلمك المميز

تقديري واحترامي


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة عمر المختار أُسْطورة الزمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حوار مع الزمان
» كتاب المجاهد عمر المختار
» المختار ابي عبيدة الثقفي رضوان الله عليه
» سيرة حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي
»  مارلين مونرو - Marilyn Monroe - صور فاتنة السينما الامريكية الراحلة مارلين مونرو سيرة "مارلين مونرو"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الــفــــــــــــــــــــــــalfrid 1ـــــــــــريــــد :: قسم التاريخ والحضارات المختلفه :: التاريخ والحضارات وابرز الشخصيات التاريخيه-
انتقل الى: