وسط احتجاجات الممرضات : ثورة "ملائكة الرحمة" على "زهرة وأزواجها الخمسة "!احتجاجات الممرضات ضد "زهرة وازواجها الخمسة"
تحقيق د.هند بدارىفتح مسلسل " زهرة وأزواجها الخمسة " الحوار مرة أخرى حول صورة الممرضة فى المجتمع المصرى بعد أن ظهرت الفنانة غادة عبد الرازق فى صورة الممرضة السيئة . وآثار العمل الدرامى غضب الممرضات لأنه يساهم فى تشويه صورتهن وسط المجتمع ، وتكريس الصورة السلبية النمطية تجاه " ملائكة الرحمة " .
وتأتى ثورة الممرضات نتيجة تحسن وضع الممرضة فى الفترة الاخيرة بعد أن أنشئت لها كلية خاصة لا يدخلها إلا اصحاب المجاميع المرتفعة . كما تحولت لمهنة مهنة منظمة عليها الطلب فى ظل ندرة المتدربات منهن. بل تلجأ عدة مستشفيات كبرى الى استيراد ممرضات من الخارج لسد نقص العدد .
ورغم احتجاج الممرضات على مسلسل "زهرة" إلا أن رد فعلهن تجاه المسلسل، يؤكد حدوث وعى لدى الممرضات بقيمة عملهن ، حيث نظمت نقابة التمريض وقفات اجتجاجية فى الاسكندرية بمستشفى الشاطبى للأطفال ، واخرى أمام نقابة الأطباء بالتضامن مع مجلس النقابة العامة للتمريض لايقاف عرض المسلسل التليفزيونى ، ورفعت المتظاهرات لافتات ضد تشويه المسلسل لصورة الممرضة التى هى أم وأخت وابنه وملاك ، واخرى مكتوب عليها "كليات التمريض مرحلة أولى فى تنسيق الثانوية العامة" و"التمريض يقبل أعلى المجاميع".
دعوى قضائية
وطالبت المحتجات بوقف عرض المسلسل المسىء لسمعتهم على حد وصفهم ومقاضاة المنتج والمخرج. وفى السياق نفسه ، أعلن فتحى البنا نقيب التمريض أن المعاهد التعليمية شهدت تسرب أعداد كبيرة من الممرضات بسبب تشويه صورهم .وأكد "البنا" أن هيئة مكتب المجلس قررت عقد اجتماع طارئ تمهيداً لاتخاذ قرار بمقاضاة المنتج لوقف عرض المسلسل.
موقع أخبار مصر الالكترونى إلتقى بضحايا الصورة النمطية والخبراء والمسئولين عن تصحيحها ، فقالت سعاد محمد ممرضة بأسى :" أعمل فى التمريض من حوالى 20 سنة بعد أن درسته فى احدى المستشفيات التعليمية ، ورغم خبرتى والتزامى، أعانى من جفاء وعدم تقدير الناس لمهنتى لدرجة أن احدى زميلاتى فسخت خطبتها بسبب رفض أسرة العريس لمهنتها .
وعبرت سعاد عن غضبها من المسلسل لأنه أساء لسمعة الممرضات، من خلال الدور الذى جسدته غادة عبد الرازق كـ"ممرضة ،وأظهرهن فى صورة المرتشيات، والسارقات، مشيرة إلى أن الممرضات مطلوبات فى دول أوروبا وأمريكا، ولا أدرى ماذنب الممرضة فى المعاناة من هذه النظرة الجارحة ؟ .
فهل يعاقبها المجتمع على تفانيها فى وظيفة غير تقليدية، تتطلب قضاء "ورديات متأخرة" ليلا أو الاقامة ليلة خارج البيت بحجة أن ذلك يتنافى مع تقاليد المجتمع، فكم من مهنة تستلزم السهر أو المبيت خارج المنزل مثل الطبيبة التى تسهر بالمستشفى أو تنزل اخر الليل لانقاذ سيدة حامل دون حرج أو لوم .
واذا كانت قلة من الممرضات مثل زهرة ، فهذا ليس مبرر للتعميم . ثم أين متاعب المهنة فى أجهزة الاعلام : فلا يوجد مرتب مجزى،ولا بدل عدوى ولا معاملة لائقة .
العودة إلي أعلي نظرة ..دونية ؟ بينما تعترف الباحثة هبة محمود خريجة احدى كليات التمريض،قائلة :حرصت على التفوق فى الكلية كى لا أعمل تحت يد طبيب ،وأصبحت مدرس مساعد بالكلية ،وحاليا أحاول مع الطالبات وأعضاء هيئات التدريس تصحيح الصورة برفع المهارات وتأهيلهن لأداء عملهن بكفاءة .. فلماذا لا تساعدنا الدراما وتحبط طموحنا بتكريس الصورة النمطية السلبية ؟.
وأوضحت هبة أن العاملين في قطاع التمريض بمصر يعانون مشاكل لا حصر لها؛ منها ضعف الرواتب، وتدني الأحوال المعيشية، والأخطر النظرة الدونية من قبل المجتمع ، بسبب تشويه وسائل الإعلام صورتها، حيث تقدمها كفتاة سيئة السمعة تحاول إغواء الأطباء والمرضى من الأثرياء.
وأضافت الباحثة أن هذه الصورة المشوهة لملائكة الرحمة جعلت الأسر المصرية تعزف عن إلحاق بناتها بمعاهد التمريض، الأمر الذي أدى إلى عجز شديد في أعداد الممرضات بالمستشفيات يقدر بنحو 30 ألف ممرضة فى وقت تتزايد فيه معدلات البطالة في مصر.
وتمنت عودة صورة مريم فخرالدين بوجهها الملائكى البرئ فى العديد من أعمالها السينمائية ،وهى تقوم بدور الممرضة لدرجة أن كثير من البنات كانوا يحلمن فى طفولتهن أن يصبحوا ممرضات من مجرد مشاهدتهن لتلك الأفلام. وأكدت د. هبة ضرورة الوقوف بحزم ضد هذا المسلسل وأمثاله ، حفاظًا على سمعة الممرضات، وإنقاذاً لمهنة سامية .
العودة إلي أعلي مساعدة..للطبيب ويلتقط خيط الحديث د. عادل عبد الفتاح رئيس الجمعية المصرية لتخدير جراحة القلب والصدر ليؤكد أن الصورة النمطية للممرضة تحتاج الى تصحيح يواكب التطور الأكاديمى والمهنى بهذا المجال ، حتى نشجع الفتيات على احتراف التمريض بمصر بدلاً من الهروب من المهنة خوفاً من النظرة الدونية .
فالممرضة الآن أصبحت حاصلة على مؤهل تعليمى عال سواء خريجة الكلية أو المعاهد الصحية العليا ، ودورها مهم جدا فى المستشفيات سواء تعقيم الأجهزة والملابس وتجهيز غرفة العمليات .
وبالنسبة للممرضة المتمرسة ذات الخبرة ، فأحيانا يمتد دورها الى معاونة الطبيب أثناء اجراء الجراحة ، ما يتطلب منها أن تكون متمكنة علمياً ومهنياً وعلى دراية بخطوات العملية .
وفى الخارج الطبيب يستشير الممرضة وتسمى مساعد طبيب وتحظى بالاحترام لأن دورها مكمل لدور الطبيب .
ثم استطرد د. "عبد الفتاح" قائلا إن الواقع المهنى يشهد الآن تنافساً شرساً بين الممرضات خريجات المدارس بقصر العينى أو العسكرية وبين الممرضات الحاصلات على مؤهلات عليا ، فالفريق الأول خبرته كبيرة ومرتبه محدود نسبيا والفريق الثانى شهادته عليا ومرتبه أكبر بينما خبرته المهنية لازالت محدودة وعادة ما يتقلدن مناصب قيادية مثل المشرفة على التمريض ،وربما تسهم المنافسة الايجابية فى النهوض بمستوى المهنة .
وأشاررئيس جمعية تخديرجراحة القلب والصدر الى أن التمريض مثل أى مهنة به النماذج الايجابية والسلبية ، فهناك من تتاجر فى الدواء وهناك من تتبرع بدمها للمريض وتلعب دوراً انسانياً فى السهر على راحة المريض ، وعلى الدراما أن تعرض النموذجين واذا أردنا تحسين واقع المهنة نفسه ، فيجب أن نكفل لهن حياه مهنية ومادية كريمة ونغير نظرة الناس لهن .
العودة إلي أعلي الصورة .. تغيرت أما د. ميرفت الطرابيشى عميد احدى المعاهد العليا للاعلام بمدينة الثقافة والفنون ، فتقول : زمان كانت صورة ملائكة الرحمة هى السائدة فى وسائل الاعلام لأن المهنة كانت تطوعية وتعمل بها فتيات وسيدات من مستويات اجتماعية وتعليمية راقية لرغبتهن فى خدمة الوطن والمواطن بحب وحماس .
أما الآن ، فالصورة الدرامية تحولت الى النقيض لأن المهنة صارت وظيفة تسودها سلبيات مثل غيرها ،وندرت القصص التى تلقى الضوء على انسانية الممرضة وحلت محلها حوادث سرقة ورشوة واستغلال ..فعلى سبيل المثال مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" لم يعرض نموذج الممرضة التى تسرق الأدوية تحت ضغط الحاجة فى قالب استنكارى ،وانما قدم مبرراً ساذجاً بأنها تسعى لمساعدة "الغلابة " غير القادرين على شراء الدواء ..فاذا كانت الممرضة تستحل ترويج دواء فاسد باسم الخير ، فهذا يعنى الجهل والفساد معاً ويستفز الممرضات الواعيات الشريفات !.
والنتيجة تراجع الاقبال على المهنة ونقص الكفاءات ، وان كانت هناك محاولات للارتقاء بهذا التخصص الحيوى كانشاء كليات متخصصة وتكثيف الدورات التدريبة ، فعلى الاعلام ان يعكس ذلك التطور ليجذب الشباب اليها ويراعى التوازن فى عرض صورة العاملات بالمهنة ويناقش همومهن بما فيها الصورة المشوهة من خلال بعض الأعمال الدرامية.