كلمة الرئيس حـسـنـي مــبـارك فى عيد الـنـصـر ....عام 1981

الأربعاء 23 ديسيمبر 1981


كلمة الرئيس محمد حسني مبارك في عيد النصر عام 1981



الاخوة والاخوات ابناء بورسعيد

في مسار التاريخ علامات بارزة تظل علي مدي الدهر مصدر الهام للشعوب في كفاحها من أجل حريتها وتأكيد ذاتها ..وسيظل اسم مدينتكم العظيمة احد هذه العلامات المضيئة ..في تاريخ النضال الانساني ورمزا لكفاح شعبنا من أجل الدفاع عن أرضه واذا كانت مصر قد اختارت يوم ان كلل كفاحكم بالنصر من عند الله عيدا لنصرها ويوما تستعيد فيه أجيالها الصاعدة بكل الفخر لقدرات شعب مصر ..وخصاله الاصيلة وتضحياته التي لاتنتهي والاعتزاز بكفاح ابناء بورسعيد فلأن معركتكم كانت تجسيدا رائعا من أجل بلادنا وعزتها

لم تكن معركتكم ايها الاخوة مصدر الهام لشعبنا وحده بل كانت الشرارة التي فجرت قدرات التحدي الخلاقة في انحاء امتنا العربية وفي ارجاء العالم الثالث علي اتساعه في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والتي رأت شعوبها في تحديكم البطولي للقوي العسكرية لثلاث دول تآمرت لكسر ارادة شعبنا في بورسعيد مصدر الهام رائع ونذير النهاية الممنوحة لفلول التسلط والاستغلال

ربع قرن مضي منذ تفجرت من أرضكم الطيبة براكين التحدي والصمود امام جحافل التآمر والعدوان ..ربع قرن ظل شعبنا خلاله يحمل السلاح بيد ويبني بالأخري ..صروح تقدمه ورخائه..ربع قرن وأعلام النصر ترفرف في سمائنا لم تهن ولم تنتكس ابدا .رغم المحن والخطوب ..وماكان لها ان تنتكس وهذا الشعب ماض في طريقه مرفوع الهامة قوي العزم مؤمن بربه وبوطنه وبأن مارفع من أعلام العزة في بورسعيد لابد ان يستمر خفاقا رغم هذه المحن وهذه الخطوب

ربع قرن وشعبنا يحمل لواء الريادة في العمل العربي ويسجل في صفحات التاريخ العربي المعاصر اول محاولات جادة ومخلصة من أجل الوحدة العربية والعمل العربي المشترك ..وان كانت هذه المحاولات التاريخية لم تحقق ماكان شعبنا يرجوه لها من دوام ونجاح ولم يكن ذلك يوهن في عزيمة هذا الشعب أو احجامه عن التضحيات التي قدمها عن ايمان ثابت وطيب خاطر

ربع قرن شهد دماء ذكية من دماء شعبنا وقطرات غالية من عرق كده وعمله في كل مكان من المنطقة العربية دفاعا عن الحق العربي في كل مكان ونجده لكل شعب عربي يتطلع الي شعب مصر العملاق ليشد أزره في كفاحه من أجل الاستقلال والحرية ثم في دعمه من أجل تقدمه ورخائه

ربع قرن شهد مصر وهي تخوض بشعبها المؤمن الشجاع معركة البحث عن الذات لتقهر عوامل التخازل والانهزامية اثر انتكاسة عارضة في طريق انتصارها منذ معركة بورسعيد وقواتها المسلحة تقوم بأمجد معركة لتعيد رفع علم غاب عن موقع واحد ولم يغب أبدا عزيزا مهابا في كل موقع آخر ربع قرن شهد مصر وهي تبني بسواعد ابنائها صروحا شامخة لتقدمها الاقتصادي وترسي قاعدة صلبة لمستقبل تسوده الرفاهية

اللون الاخضر واصل زحفه الحثيث ليضيف الي وادينا الخصيب ثروة جديدة نبتا جديدا في قواتنا الاقتصادية الصناعية المتطورة اخذت مكانها في قاعدتنا الاقتصادية اساسا قويا من أسس نهضتنا الحديثة ولتعيد تشكيل مجتمعنا لتحقيق الرفاهية والعدل

أيها الأخوة والاخوات ابناء بورسعيد

ليس هناك من يقدر السلام أكثر من الذين خاضوا معارك القتال ومن حمل السلاح دفاعا عن قيم الحق والعدل

وقد شهد ربع القرن الماضي منذ نصر بورسعيد تحولا تاريخيا سيظل عنوانا لهذه الحقبة من الزمان وقد اختارت مصر طريق السلام بعد ان حققت عن طريق الحرب في أكتوبر 3791 نصرا شهد به العالم اجمع لهذا فقد اجمع لهذا فقد كان اختيارنا للسلام اختيار الاقوياء لم نختر سلاما عن ضعف أو وهن بل اخترناه سلاما عزيزا قويا يحقق لنا ولأشقائنا العرب ولكافة دول وشعوب المنطقة وماأعجزت حروب ربع القرن الماضي وماقبله عن تحقيقه من استقرار وتعايش سلمي ..سلاما ترتضيه الأطراف كلها ومنهاجا وسلوكا عن ايمان وصدق ..سلاما يقوم علي الالتزام الصادق بالشرائع الدولية وحقوق الانسان

هذا هو السلام الذي نبغيه والذي نعمل من أجله منذ ان بدأنا الطريق الشاق الذي عقدنا العزم علي المضي فيه للتوصل الي سلام قوي شامل يضمن حقوق كافة الاطراف

أيها الأخوة والأخوات

من شيم الشعوب العظيمة ان تستلهم ظروف التاريخ وتأخذ منه رادا لطريقها الطويل من أجل التقدم والازدهار وأن مصر اليوم وهي تجتاز هذه المرحلة لهي اكثر وعيا وأشد ادراكا لما تضمنته معركتكم في بورسعيد من قيم أصيلة تتطلع استلهاما لمعانيها ودروسها ..فما أحوجنا اليوم الي روح التحدي التي وقفت بها بورسعيد أمام جحافل العدوان نواجه بها مشاكل التنمية ومعركة البناء ..ماأحوجنا اليوم الي معاني التضحية والفداء التي بذلتها بورسعيد من أجل أمتها نقيم بها صرح مجتمعنا الجديد وأسباب عزلته

ماأحوجنا اليوم الي معاني الانضباط والتفاني في اداء الواجب الذي كان سمة بورسعيد في معركتها نخوض بها معركة التقدم والرخاء

ان الشعب الذي أعطي بسخاء علي أرض بورسعيد منذ ربع قرن والذي كان مثالا للتفاني في حماية أرضه وقيمه لقادر اليوم علي العطاء من جديد ..وقادر اليوم علي التصدي لكل التحديات من أجل سلامة كل شبر من أرضه،ومن أجل مستقبل أفضل تسوده وتظلله الحرية وترفرف عليه رايات الأمن والأمان

أيها الاخوة والأخوات

اذا كان نضال الشعوب من أجل حريتها واستقلالها هو سلسلة متصلة الحلقات يرتبط كل منها بالاخري ..فإن معركتكم في بورسعيد ونصركم الذي تحتفل به مصر كلها كان حلقة رئيسية في نضال شعبنا المتصل ومنعطفا تاريخيا في مسيرة هذا النضال ولاأدل علي ذلك من أن أعلام العزة والانتصار التي رفعت علي مدينتكم الباسلة يوم 32ديسمبر 6591 والتي ظلت رغم أعتي الظروف عزيزة خفاقة هي نفس الأعلام التي رفعت علي الجزء العزيز المحرر من سيناء والتي ترفع بعد شهور أربعة علي بقية أرضنا المقدسة التي نرنو اليها اليوم بأنظارنا عبر القناة التي كانت وستظل دائما الرباط الوثيق الذي يربط بين الوادي وسيناء لنعلن للعالم أجمع أن شعب مصر ماض في طريقه بتابع مسيرته المقدسة من أجل الحرية،ومن أجل السلام القوي الشامل الذي هو ارادة الله قبل أن يكون حتمية التاريخ ..وان شعبنا يواصل اداء دوره التاريخي من أجل أمته العربية رائدا كعهده دائما مخلصا أمينا بكل القيم النبيلة التي كانت منار كفاحه عبر التاريخ